للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا – مذهب المالكية

(١) :

يرى المالكية أن كل شيء يجوز بيعه قبل قبضه إلا الطعام وذلك بناء على أن العقد قد نقل الملك والضمان إلى مستحق القبض.

ولا خلاف في مذهب مالك في منع بيع الطعام قبل قبضه اذا كان ربويًّا موزونًا أو مكيلًا أو غيرهما. أما إذا لم يكن ربويًّا فعن مالك روايتان: إحداهما: المنع وهي الأشهر وبها – كما يقول ابن رشد – قال أحمد وأبو ثور إلا أنهما اشتراطا الكيل والوزن والرواية الأخرى عن مالك: الجواز.

كما يمنع بيع كل مأخوذ بالمعاوضة سواء كان طعامًا أو غيره قبل قبضه كالفواكه المأخوذة معاوضة، والمأخوذ صداقًا أو خلعًا فلا يجوز بيعه قبل قبضه. أما ما أخذ جزافًا فيجوز بيعه قبل قبضه إلا إذا كان ضمانه على البائع كلبن الشاة. ويلاحظ أن الطعام لو كان سبب استحقاقه صدقة أو قرضًا فإنه يجوز بيعه قبل قبضه، كذلك لو كان استحقاقه بالميراث أو الهبة. ويجوز الإقالة والتولية والشركة في المبيع قبل قبضه. وهذا خلاف ما يراه الحنفية والشافعية.

ثالثا – مذهب الشافعية، وبه قال الثوري

(٢) .

يتشدد الشافعية في هذا الباب أكثر من غيرهم، فلا يجوز عندهم بيع المبيع قبل قبضه سواء كان منقولًا أم عقارًا وإن أذن البائع في قبض الثمن وذلك للخبر الذي استدل به الحنفية ولقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام ((لا تبيعن شيئًا قبل قبضه)) ، رواه البيهقي وقال حسن الإسناد متصل، ولأن الملك ضعيف قبل القبض بدليل انفساخ العقد بالتلف قبل القبض.

والأصح في المذهب أن بيع المبيع إلى بائعه هو ذات الحكم في بيعه لغيره إلا إذا كان بذات الثمن الذي باع به فيكون التصرف إقالة وهي صحيحة. ويقابل الأصح صحة البيع من البائع قبل القبض قياسًا على بيع المغصوب من الغاصب.

وعلى الأصح في المذهب لا يجوز إجارة المبيع ولا هبته ولا رهنه ولا جعله صداقًا ولا إقراضه ولا جعله عوضًا في نكاح قبل القبض.

ومقابل الأصح يجوز وفاقًا للمالكية.

أما التولية والشركة فلا يجوز إجراؤها على البيع قبل القبض، وفاقًا للحنفية وخلافًا للمالكية.

ولا يجوز في نظر الشافعية التصرف في الثمن قبل قبضه فحكمه حكم المبيع قبل قبضه:

ما ثبت تملكه بالميراث جاز بيعه قبل قبضه. كما أن المشاع إذا اشتراه مشتر وطلب قسمته قبل قبضه يجاب إليه.


(١) الخرشي: ٥/١٦٣- ١٦٤، بداية المجتهد: ٢/١٠٨- ١١٠، القوانين الفقهية: ٢٢١- ٢٢٢، الفروق وتهذيبه الفرق: ١٩٨
(٢) مغني المحتاج: ٢/٦٨، الغاية القصوى: ١/٤٦٩، ٤٨٣، بداية المجتهد: ٢/١٠٨

<<  <  ج: ص:  >  >>