وهو ما كتبه الدكتور إحسان هندي في مجلة الفيصل، عدد (٤٤) صفر (١٤٠١هـ) : " أن تلك الشهور الاثني عشر هي التي خلدها الله في كتابه في الآية السابقة، فأصبحت إسلامية بأوصافها التي سميت".
وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أسماء الأشهر الحرم التي أجملتها الآية الكريمة، فعن أبي بكرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب في حجته فقال:((ألا أن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذوالحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)) . رواه أحمد، وأخرجه البخاري في التفسير.
فحقا إنها هي الشهور الإسلامية القمرية، وهي التي يدور عليها فلك الأحكام الشرعية، وقد حفظها الله تعالى في كتابه المكنون في اللوح المحفوظ، فلا تقديم ولا تأخير، ولا زيادة ولا نقص.
وإن بداية الشهر ونهايته يكونان بتقدير من الله الذي جعل الشمس ضياء، والقمر نورا، وقدره منازل - أنزل القمر منازل متعددة، ولله الحكمة البالغة في خلقه، جعل القمر متنقلا طول الشهر من منزل لآخر، ليعلمنا عدد شهور السنة وأيامها، وما خلق الله ذلك القمر المنير المتنقل في منازله إلا بالحق، ولكن لا يفهم تلك الحقيقة إلا العالمون.
الله خلق الشمس وجعلها ضياء وهاجا لترسل أشعتها إلى الكون الفسيح فتبدد الجليد والثلوج وخلق القمر وجعله نورا يهتدى به في ظلمات البر والبحر، وقدر له منازل ينزل كل يوم منها منزلا، فيتغير نوره حيث يبدو أول الشهر ضئيلا ثم يكبر شيئا فشيئا حتى يصير بدرا منيرا ثم ينقبض رويدا رويدا إلى أن يعود إلى ما كان عليه فيصبح كعرجون النحل معوجا ضعيفا، فسبحان من خلق ذلك وقدره تقديرا، وقال:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} صدق الله العظيم.
هذه وقد قدر الله ذلك وأتقنه ليعلمنا كيف نحسب الزمن، فنؤدي كل وقت ما أناط من عمل.