للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الثاني – بيع الأثمان بعضها ببعض:

أحكام الصرف واضحة جلية فلا يجوز بيع جنس بجنسه متفاضلًا ولا نسيئة، كما لا يجوز بيع جنس بآخر نسيئة وهذه الأحكام يخرج عليها بيع العملات بعضها ببعض فإذا اتحد الجنس حرم الفضل والنسأ، وإن اختلف جاز الفضل وحرم النسأ، ولكن جدت مشكلات وكانت مثارًا لإزعاج علماء الشريعة والاقتصاد حيث فرض قيود على بيع العملات بعضها ببعض، ولا سيما بين العملات الحرة والخاضعة للرقابة الاقتصادية في البنوك والدول التي تفرض قيودًا معينة على عملاتها.

وإن مما يهمنا في هذا البحث هو ما يتعلق بالقبض فهل تكفي فيه التخلية عند من يقول بالاكتفاء بها في غيرها من الربويات، أو لا بد من القبض الحقيقي؟

مذهبان:

* المذهب الأول: ذهب الحنفية والقول المشهور عند الشافعية وهو المذهب وبعض الحنابلة إلى اشتراط القبض الحقيقي في بيع الأثمان بعضها ببعض، وما يأخذ حكمها من العملات.

جاء في الفتاوى الهندية: " وأما شرائطة فمنها قبض البدلين قبل الافتراق كذا في البدائع سواء كانا يتعينان كالمصوغ أو لا يتعينان كالمضروب أو يتعين أحدهما ولا يتعين الآخر، كذا في الهداية " (١) ، ثم ذكر أن المراد بالقبض في باب الصرف هو الحقيقي حيث قال: " وفي فوائد القدوري المراد بالقبض ههنا القبض بالبراجم (٢) لا بالتخلية، يريد باليد كذا في فتح القدير " (٣) .

وجاء في فتح القدير: " ولا بد من قبض العوضين قبل الافتراق بإجماع الفقهاء، وفي فوائد القدوري المراد بالقبض هنا القبض بالبراجم لا بالتخلية يريد اليد " (٤) ، واشتراطهم القبض الحقيقي في الصرف تفريعًا على أن الأثمان لا تتعين بالتعيين فلذا، يجوز لكل من المتبايعين تبديلها بغيرها (٥) .


(١) الفرغاني: ٣/٢١٧.
(٢) المفصل الظاهر أو الباطن من الأصابع واحده برجمة، الفيومي المصباح المنير " برجم ".
(٣) المفصل الظاهر أو الباطن من الأصابع واحده برجمة، الفيومي المصباح المنير " برجم "، وانظر العيني البناية في شرح الهداية: ٦/٦٩.
(٤) ابن الهمام: ٥/٣٦٩.
(٥) ابن عابدين، حاشية: ٥/١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>