للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وردت عدة اعتراضات على القول بأن قبض الشيك قبض لمحتواه، منها:

(١) قد يسحب الشيك على بنك لا رصيد للساحب فيه، أو يكون الرصيد غير كاف بقيمة الشيك، فلا يتم القبض أو يتأخر، ومعلوم اشتراط التقابض في الصرف.

(٢) قد يلغى الشيك بعد كتابته أو يسترد مقابله.

(٣) قد يعلق صرف الشيك على أمر مكتوب بإخطار من صاحب الرصيد فيتأخر القبض أو يمتنع المسحوب عليه من الوفاء (١) .

وعلى الرغم من أن هذه الاعتراضات واردة على الشيك، ولكن نوقشت بأن هذه المخاطر لا تقل من حيث الخطورة عن مخاطر النقود التي قد تكون مزيفة وغالبًا لا يعرف من زيفها، والقانون لا يحمي حامل النقود المزيفة، أما حامل الشيك فمحمي إذ يعتبر سحب الشيك بدون رصيد من الجرائم التي تعاقب عليها الدول أشد العقوبات (٢) .

وقد ذهب كثير من الباحثين المعاصرين إلى أنه يكفي قبض الشيك عن قبض محتواه (٣) ، منهم الشيخ ستر الجعيد، والدكتور سامي حمود حيث ناقش بعض من اعترض على هذا القول بقوله: " الآراء الفقهية تختلف في المراد بالقبض، فالقبض على ما يرى الحنفية المراد به التعيين باعتبار أن اليد في قوله صلى الله عليه وسلم: ((يدًا بيد)) ليس مرادًا بها اليد الجارحة. . بل يمكن حمل اليد على التعيين لأنها آلته، ولذلك فإنه إذا وقع البيع على مال ربوي بمال ربوي آخر – قمح بشعير مثلًا – فإن تعيينها يقوم عند الحنفية مقام القبض، ولكن الأمر يختلف عندهم بالنسبة للنقود " (٤) .

وعلى هذه الأقول يعتبر قبض الشيك الذي أصبح وسيطًا في أكثر المعاملات التجارية قبضًا لمحتواه، لأن هذا معنى التخلية في قول الجمهور حيث يرونها كافية في القبض في غير الصرف.

أما بعض الحنابلة فيرونها كافية حتى في الصرف كما تقدم تفصيل ذلك وإيراد النصوص الدالة عليه، وممن اعتبر الحوالة قبضًا ابن قدامة حيث قال: " الحوالة بمنزلة القبض وكأن المحيل أقبض المحتال دينه فيرجع عليه به ويأخذ المحتال من المحال عليه وسواء تعذر القبض من المحال عليه أو لم يتعذر " (٥) .

وقال: " وإن أحال المكاتب سيده بنجم قد حل عليه صح وبرئت ذمة المكاتب بالحوالة ويكون ذلك بمنزلة القبض " (٦) .


(١) المرصفاوي حسن صادق، جرائم الشيك: ص ١٠٠، ١٢٦، الجعيد، الأوراق التجارية والنقدية: ص ٣٣٢.
(٢) السالوس، استبدال النقود: ص ٩٦، ١٦٨، الجعيد، الأوراق النقدية والتجارية: ص ٣٣٣.
(٣) الجعيد، الأوراق النقدية والتجارية: ص ٣٣٣، أحمد الحسني، تطور النقود: ص ١٤٣.
(٤) تطوير الأعمال المصرفية ص٣٤٦.
(٥) المغني: ٤/٥٧٨.
(٦) المغني: ٤/٥٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>