والثاني: القبض الحكمي، وقد اتفق الفقهاء جميعهم على الاكتفاء به فيما لا ينقل كالأراضي والدور والأشجار والغرس – على تفصيل فيهما – وأما ما ينقل كالحبوب والثمار والأثاث فهل يكفي فيه القبض الحكمي أم لا بد من القبض الحقيقي؟ خلاف بين العلماء رحمهم الله يتلخص في قولين في أحدهما تفصيل:
أحدهما: عدم الاكتفاء (بالتخلية)(١) فيما يمكن تقديره أو نقله وتحويله إلا بالقبض الحقيقي.
والثاني: قسمته إلى فرعين:
الفرع الأول: الاكتفاء بالتخلية في كل شىء حتى الصرف.
الفرع الثاني: الاكتفاء بها في غير الصرف، أما الصرف فلا يكفي فيه إلا القبض الحقيقي وقد فصلت ذلك في مكانه من البحث، وعلى ضوء ما ورد من تفصيل في مكانه ذكرت الصور المستجدة كقبض الشيك الحالِّ، والقيد على الحساب وقبض الكمبيالة التي تشارك الشيك في صفاته، وقبض أوراق البضائع وتظهيرها، وقبض أسهم الشركات وتظهيرها مما يعد قبضًا حكميًا، وقد بينت أن القبض يختلف باختلاف العرف ويتغير بتغيره، فما يكون قبضًا في زمن أو بلد قد لا يكون قبضًا في الزمن الذي بعده، وما يكون قبضًا في بلد قد لا يكون قبضًا في البلاد القريبة منه.
وليعلم أن الصور التي ذكرتها لا بد من توفر شروط التخلية فيها، وأنها خاصة بالبيوع العاجلة، وأما البيوع الآجلة أو الممنوعة شرعًا فتبحث في سوق البورصات والسلم والبيوع المنهي عنها.
والله أسأل أن يكون في اجتماع أصحاب السماحة والفضيلة ما يصحح ما قد يكون وقع في هذا البحث من زلل أو خطأ أو تعميم أو تصحيح نسبة وقع الخطأ فيها {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}{وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} .
الدكتور سعود بن مسعد الثبيتي
(١) لغة: الترك ولإعراض، واصطلاحا: رفع الموانع والتمكن من القبض سعدي أبو جيب، القاموس الفقهي، ص ١٢١، ١٢٢