للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* النتيجة:

والنتيجة التي تستخلص من كل ما سبق من كلام عن التحويلات المصرفية اليوم هي أن التحويل المصرفي أو البريدي عملية مركبة من معاملتين أو أكثر، وهو عقد حديث، بمعنى أنه لم يجرِ العمل به على هذا الوجه المركب في العهود السابقة، ولم يدل دليل على منعه، فهو صحيح جائز شرعًا من حيث أصله بقطع النظر عما يحيط به من مواد قانونية يجب لمعرفة حكمها استقصاؤها تفصيلا ودراستها للحكم فيها. اهـ (١) .

وقد بحث مسألة قبض الشيك قبض لمحتواه مجموعة من علماء الشريعة والاقتصاد منهم الدكتور علي السالوس والدكتور سامي حمود والأستاذ ستر الجعيد وغيرهم، وكلهم اتفقوا على أن قبض الشيك قبض لمحتواه وقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بذلك وفيما يلي ذكر أقوالهم.

فقد جاء في كتاب الدكتور علي السالويس (استبدال النقود والعملات) في معرض رده على الشيخ حسن أيوب حيث كان حسن أيوب يرى أن الأوراق النقدية عروض تجارة، فرد عليه جزاه الله خيرًا وذكر في رده أن الشيك ينقل الملكية في حال وأنه قبض لمحتواه، وذكر رأي بعض علماء الاقتصاد ومنهم الدكتور يوسف إبراهيم فقال:

الشيك والقبض

قال الشيخ: (كان الاولى أن تطلب التوبة بشجاعة من نفسك ومن القائلين بأن الشيك يكفي عن قبض الأوراق المالية ... إلخ) .

وأقول:

* عاد الشيخ للحديث عن الشيك والقبض وأحب أن أسأله: لو أن الشيك لا يكفي عن القبض فما النتيجة؟ أنبحث عن حل آخر أم نقول: إن هذه النقود ليست من الأموال الربوية؟

عندما كان المسلم يذهب إلى عبد الله بن الزبير في مكة، ويعطيه نقودًا، ويأخذ سفتجة يتسلم بها ما يقابل هذه النقود من أخيه مصعب في العراق، فأين القبض هنا؟ أليست السفتجة قد قامت مقام القبض؟

ألا يقوم الشيك بما قامت به السفتجة؟

ألا يعني الشيك نقل الملكية في الحال؟ فالشيك إذن قام بدور السفتجة أو أكثر ولا يمكن أن يكون أقل منها في أداء وظيفة القبض.

* قال صاحب المغني: (الحوالة بمنزلة القبض) (٦/٥٦) .

وقال أيضًا: (الحوالة كالتسليم (٥/٦٩) .

ونص على هذا أيضًا صاحب الشرح الكبير (انظر ٥/٥٨/٦٩) .

* وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية:

(الأسماء تعرف حدودها تارةً بالشرع كالصلاة والزكاة والصيام والحج، وتارةً باللغة كالشمس والقمر والبر والبحر، وتارةً بالعرف كالقبض والتفريق) .

(مجموع الفتاوى ٢٩/٤٤٨) .

فإذا كان القبض مرده إلى العرف فإن الشيك هو الأداة الرئيسية التي تنتقل بها ملكية النقود المودعة في الحسابات الجارية بالمصارف، وإذا تعارف الناس على نقل هذه الملكية بالتلكس مثلا، ألا يكون هذا قبضًا في عرفهم؟ ويمكن أن يتوصل الناس إلى وسائل أخرى تنتقل بها ملكية النقود فتقوم هذه الوسائل مقام قبض النقود ذاتها.

ولقد عرضت هذا الأمر على عدد من الاقتصاديين، ورجعت إلى كتب آخرين، فما وجدت ما يمنع جعل الشيك يقوم مقام القبض، بل وجدت من يعتبر الشيك نقودًا بالفعل، وممن طلبت رأيهم بالفعل في هذا الموضوع بعض الأساتذة الاقتصاديين، فقد قالوا بأن بعض البنوك الأجنبية تقوم بصرف قيمة الشيك قبل تحصيله مما يدل على أن الشيك أصبح له قوة مشابهة لقوة النقود.

ومما أذكره أني عرضت هذا الأمر على الأستاذ الدكتور عبد العزيز رجب فأيد ما قلته ولم يعارضه بل عارض كلام الشيخ.


(١) الموسوعة الفقهية الكويتية – الحوالة: ص ٢٢٥، ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>