للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدلَّ الحنفية على اعتبار التخلية مع التمكين في المنقولات قبضًا: بأنَّ تسليم الشيء في اللغة معناه جَعْلُهُ سالمًا خالصًا لا يشاركه فيه غيره، وهذا يحصل بالتخلية. وبأنَّ مَنْ وجَبَ عليه التسليم لا بدَّ وأن يكونَ له سبيلٌ للخروج من عهده ما وجَبَ عليه، والذي في وَسْعِهِ هو التخلية ورفعُ الموانع. أمّا الإِقباضُ فليس في وسعه؛ لأنَّ القبضَ بالبراجم فِعْلٌ اختياري للقابض، فلو تعلَّق وجوبُ التسليم به لتعذَّر عليه الوفاءُ بالواجب، وهذا لا يجوز (١) .

هذا وقد وافقَ الحنفيةَ على اعتبار التخلية في المنقول قبضًا أحمدُ في رواية عنه، وذلك لحصول الاستيلاء بالتخلية، إذْ هو المقصود بالقبض، وقد حصل بها (٢) .

(ب) وذهب الظاهرية إلى أنَّ قبضَ المنقول يكون بالنقل والتحويل إلى نفسه (٣) .

(ج) أما سائر الفقهاء وجمهورهم، فقد ذهبوا إلى التفريق بين المنقولات فيما يعتبرُ قبضًا لها، حيث إنَّ بعضها يُتناولُ باليد عادةً، والبعضُ الآخر لا يتناول. ومالا يُتناول باليد نوعان؛ أحدهما: لا يُعتبر فيه تقديرٌ في العقد، والثاني: يعتبر يه. فتحصَّلَ لديهم في المنقول ثلاثُ حالات:

الحالة الأولى: أن يكون مما يُتناولُ باليد عادةً، كالنقود والثياب والجواهر والحليّ وما إليها، وقبضُهُ إنما يكون بتناوله باليد عند جمهور الفقهاء من الشافعية والمالكية والحنابلة (٤) .


(١) بدائع الصنائع: ٥/٢٤٤.
(٢) المغني (ط. المنار) : ٤/١١١، الإِفصاح لابن هبيرة (ط. الطباخ بحلب) : ص ٢٢٤.
(٣) المحلى لابن حزم: ٨/٨٩.
(٤) المجموع للنووي: ٩/٢٧٦، مغنى المحتاج: ٢/٧٢، التنبيه للشيرازي: ص ٦٢، قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام: ٢/٨١، الذخيرة للقرفي: ١/١٥٢ شرح تنقيح الفصول: (ط. القاهرة ١٩٧٣م) ص ٤٥٦، المغني: ٤/٣٣٢، كشاف القناع: ٣/٢٠٢، المحرر للمجد ابن تيمية: ١/٣٢٣، وانظر (م٣٣) من مجلة الأحكام الشرعية على مذهب الإِمام أحمد للقاري حيث جاء فيها "قبضُ كل شيء بحسبه عرفًا ... وقبضُ ما يتناول باليد بتناوله باليد، كالدراهم

<<  <  ج: ص:  >  >>