للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(د) جَعْلُ الدّين الذي على المُسْلَم إليه رأس مال السلم:

ذهب الشيخ تقي الدين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم إلى أنه إذا كان لرجل في ذمة آخر دينارًا، فَجَعَلَهُ سَلَمًا في طعام إلى أجل، فإنه يصحُّ السلم من غير حاجةٍ إلى قبضٍ حقيقي لرأس مال السلم – مع اتفاق الفقهاء على وجوب تسليم رأس المال معجلا لصحة السلم – وذلك لوجود القبض الحكمي لرأس مال السلم، وهو ما في ذمة المدني المُسْلَم إليه، فكأنَّ الدائن بعد عقد السلم قَبَضَهُ منه ثمَّ ردَّه إليه، فصار معجلا حكمًا، فارتفع المانع الشرعي (١) . قال العلامة ابن القيم: "لو أسلم إليه في كَرِّ حنطةٍ بعشرة دراهم في ذمته، فقد وجَبَ له عليه دَيْن، وسقَطَ له عند دَيْن غيره. وقد حكي الإِجماعُ على امتناع هذا، ولا إجماعَ فيه. قال شيخنا: واختار جوازه، وهو الصواب" (٢) .

(هـ) رهن الدين عند المدين، وهبة المرأة مهرها المؤجل لزوجها:

قال القاضي ابن العربي: "إذا تعامل رجلان لأحدهما على الآخر دينٌ، فرهَنَهُ دينَهُ الذي له عليه، كان قبولُه قبضًا. وقال غيرنا من العلماء: لا يكونُ قبضًا. وكذلك إذا وهبَتْ المرأة كالئها – أي مهرها المؤجل – لزوجها جاز، ويكونُ قبولُه قبضًا. وخالفَنَا فيه أيضًا غيرنا من العلماء. وما قلناه أصحّ لأنَّ الذي في الذمة آكدُ قبضًا من المعيّن، وهذا لا يخفى" (٣) .


(١) وخالف في ذلك جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة بحجة أن ذلك افتراقٌ عن دَين بدَين. (انظر رد المحتار: (بولاق، ١٢٧٢ هـ) ٤/٢٠٩، تبيين الحقائق: ٤/١٤٠، نهاية المحتاج: ٤/١٨٠، فتح العزيز: ٩/٢١٢، بدائع الصنائع: مط الإِمام ٧/٣١٥٥، شرح منتهى الإِرادات: ٢/٢٢١، المغني، ط. مكتبة الرياض الحديثة: ٤/٣٢٩) .
(٢) إعلام الموقعين عن رب العالمين: (بعناية طه عبد الرءوف سعد) ٢/٩.
(٣) أحكام القرآن لابن العربي: ١/٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>