للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما بحثي المتواضع فهو يتضمن ما يأتي:

أولا: إنني استعرضت بالتفصيل آراء الفقهاء في تعريف القبض واتجاهاتهم التي تنحصر في هذا الصدد في اتجاهين: اتجاه يرى عدم التفرقة بين جميع أنواع المعقود عليه حيث يتم قبضها بالتخلية فقط، وهذا مذهب الحنفية وأحمد في رواية وقول للشافعية حكاه الخراسانيون، والراجح عند الظاهرية والزيدية والإِمامية، وإليه مال البخاري وغيره. واتجاه ثانٍ يرى التفرقة بين أنواع المعقود عليه، فمنهم من جعل أساس التفرقة كون الشيء منقولا أو غير منقول، حيث يتم القبض في المنقول بالنقل، وفي غيره بالتخلية. ومنهم من جعل الأساس في التفرقة كون الشيء مكيلا أو موزونا أم لا. ومن هنا نستطيع القول إن الجميع يكادون يتفقون على أن القبض في غير المنقول كالعقارات يتم بالتخلية. وقد استعرضت أدلة كل فريق ومناقشاتها بالتفصيل، وهي أمام أصحاب الفضيلة من الصفحة الرابعة إلى الصفحة الثالثة عشرة. ولم أكتفِ في ذكر الأحاديث بعزوها إلى كتب السنَّة وإنما حققتها ووصلت فيها إلى الحكم عليها وانتهينا إلى ترجيح الرأي القائل بأن القبض يتم بالتخلية، كقاعدة أساسية إلا أن الطعام نظرا لورود أحاديث صحيحة فيه، وللخصوصية التي أصلها الإِمام القرافي، يستثنى فيكون قبضه بالكيل أو الوزن أو النقل – يعني هو فيه خلاف حقيقةً – وذلك لما ذكرناه من عدة أحاديث صحيحة تدل على أن القبض في الإِبل، وهي من المنقولات لا شك قد تم بمجرد العقد، كما في الصفحة الخامسة إلى السادسة من البحث، فقد روى البخاري " أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى من عمر – رضي الله عنه – بعيرا، ثم وهبه، قبل النقل، إلى ابن عمر ". وأشار ابن بطال إلى أن الحديث حجة في أن البيع يتم بالعقد مع شروطه، وأنه لا يحتاج إلى نقل المعقود عليه فعلا، بل قال الحافظ ابن حجر: وقد احتج المالكية والحنفية في أن القبض في جميع الأشياء بالتخلية وإليه مال البخاري. وذكرنا أربعة أحاديث صحيحة في هذا الصدد، وحديثا حسنا، ولذلك رجحنا التعريف المختار للقبض: وهو أن القبض التخلية بين العاقد والمعقود عليه، على وجه يتمكن من التسلم بلا مانع ولا حائل حسب العرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>