للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: من الأمور التي تطرقنا إليها ما يشترط فيه القبض الفوري وهذا يخص الصرف، وأعتقد أن الفقهاء متفقون في ذلك، ولكنهم مختلفون في تفسير الفورية، وفي تفسير الفورية لهم اتجاهان: اتجاه الجمهور القائلين باعتبار المجلس حيث لم يشترطوا الفورية بمعناها الضيق، بل وسعوا دائرتها لتتسع كل أوقات المجلس، واتجاه آخر للسادة المالكية حيث اشترطوا القبض الفوري، قال ابن رشد: إن تأخر القبض في المجلس بطل الصرف، وإن لم يفترقا. وسبب الخلاف ترددهم في مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم: ((إلا هاء وهاء)) ، وكذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يدا بيد)) . وقد رجحنا رأي الجمهور لأحاديث صحيحة تدل على المقصود بوضوح، وأما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((يدا بيد)) . فقد قال الخطابي: "فيه بيان أن التقابض شرط في صحة البيع في كل ما يجري فيه الربا ". وقال غيره: " أي حالًّا مقبوضا في المجلس قبل افتراق أحدهما عن الآخر". وقال آخرون: أي عينا بعين، يعني "هاء وهاء" أو "يدا بيد"، أي عينا بعين. ثم إن الحنفية لم يقيسوا على الذهب والفضة، أي النقود غيرهما من الربونات، حيث لم يشترطوا فيها إلا التعيين في المجلس، فجعلوا قضية الفورية أو في المجلس خاصة بالنقود. وأما الشافعية والحنابلة فاشترطوا التقابض في المجلس في كل الربويات، سواء بيعت بجنسها أو بغير جنسها والمالكية، كما سبق أن ذكرنا، اشترطوا الفورية في جميع الربويات.

ثالثا: تقسيم العقود بالنسبة للقبض إلى أربعة أقسام: القسم الأول: ما يجب فيه التقابض قبل التفرق بالإِجماع وهو الصرف. ثانيا: ما لا يجب بالإِجماع كبيع السلع والطعام بالنقود. ثالثا: ما ورد فيه خلاف مثل بيع الطعام بالطعام حيث اشترطه الشافعي ومالك وأحمد، خلافا لأبي حنيفة. القسم الرابع: ما يشترط فيه التقابض الفوري بمعناه الضيق وهو ما يكون في الصرف والربويات عند الإِمام مالك.

تكلمنا كذلك في المسألة الرابعة عن أنواع القبض وصوره القديمة، حيث قسم الإِمام الكاساني القبض إلى قبض تام وقبض ناقص. ثم قال: التخلية قبض تام فيما يأتي: (أ) : في كل ما ليس له مثل من المذروعات والمعدودات المتفاوتة. (ب) : وفيما له مثل ولكنه بيع مجازفة. (ج) : وفي المعدودات المتقاربة إذا بيعت عددا لا جزافا – من باب الأمانة هذه الأرقام (أوب وج) من عندي حقيقةً وليس من النص – وأما التخلية فتكون قبضا ناقصا فيما له مثل، لكنه بيع مكايلة أو موازنة، وتطرقت بهذا الصدد إلى عدة مسائل جزئية في صفحة ١٨ أو الصفحة الثامنة عشرة إلى الصفحة التاسعة عشرة، كما تطرقت إلى الأنواع التي ذكرها بقية الفقهاء من الصفحة العشرين إلى الصفحة الثانية والعشرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>