للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يتكفل بإعداد البذور الجديدة والصالحة للبذر هي الدوائر المسئولة، سواء كانت في المؤسسات التي تؤلفها الدولة أو دواوين تكونها الدولة وتتولى هذا الأمر، هذه الدواوين لا تستطيع عمليا أن تجعل البيع يدا بيد يعني الثمن والمثمن بدون نسيئة وإنما تعمد هذه الدواوين، يكون هناك ديوان وحيد ويتعامل مع تعاضديات جهوية، يبيع لها بحسب كل منطقة كميات من الحبوب تكفي الفلاحين، ثم تتولى هذه التعاضديات الاتصال أو يتولى الفلاحون الاتصال بهذه التعاضديات، ويتسابق الفلاحون للاتصال بهذه التعاضديات للحصول على منابهم من البذور حتى لا يقال لهم أن هذه البذور قد انتهت أو انتهى المعروض منها للبيع، حينئذٍ الوقت لا يتسع بالنسبة للفلاحين ولا بالنسبة للتعاضدية ولا بالنسبة للديوان في توزيع هذه الكميات فيقع البيع عن طريق وصولات، ولذلك يذهب الإِنسان للتعاضدية يدفع الثمن ويأخذ وصلا وينتظر إما التعاضدية حتى تأتيه بالكمية التي اشتراها بعد أيام، أو أنه يأخذ شاحنته ويذهب بنفسه إلى مكان الديوان وإلى مستودعات الدواوين ليتسلم بضاعته مقابل هذا الوصل الذي يعتبر وصلا موثوقا لأنه مسلم من مرجع حكومي تقريبا. حينئذٍ على مجمعنا المحترم أن ينظر في مثل هذه القضية، قضية بيع طعام ولكن لا يسلم الطعام عند بيعه من طرف التعاضدية بل يباع الطعام قبل قبضه ولا يسلم إلا بوثيقة، فهل يجوز أن نعتبر أن هذا قبض معنوي وهو داخل في القبض المعنوي هذا السؤال المطروح، أنا رأيي أنه تسهيلٌ وأنه إذا لم نقل بهذا فلا وجه بأن نمكن هؤلاء الفلاحين من القيام بأشغالهم وأعمالهم، وقد يؤول الأمر إلى خطورة وإلى أن نفوت عليهم مصالحهم، وكيف يمكن أن نعمد إلى هذا ونحن نروم ونسعى إلى الأمن الغذائي؟ وقضية أخرى في التعامل بين الفلاحين في البلاد الإِسلامية وبين جهات خارجية، إن ما نصدره من منتجات فلاحية بعد تصنيعها وبعد تعليبها هي في الواقع تباع قبل قبضها، لأن صاحب المعمل، الذي يعلب الطماطم مثلا أو أي نوع من أنواع الخضراوات التي يصدرها إلى أوروبا، هو يتعاقد بشأنها مع الخارج قبل أن يشتريها من الفلاحين ولذلك ماذا نقول لصاحب المصنع؟ نقول: انتظر حتى يبدو صلاح هذه المنتوجات لتشتريها ثم تصنعها ثم تبيعها بعد ذلك، فيقول فاتتني الأسواق، وإذا كان الأمر على مثل هذا فأنا أبقي المصنع مغلقا ولا أشتريها.

أنا أرى إذن أن هذه القضية من القضايا التي الحل فيها صعب وتخريجها قد يكون أصعب من الوجه الأول، ولكن لا بد أن نجد لها حلا حتى نعلم الناس أمر دينهم وماذا ينبغي أن يعملوا وأن يصنعوا، وكثير من أصحاب هذه المصانع يتقدمون إلى العلماء ويقولون أفيدونا يرحمكم الله، نريد أن نتبع دين الله. وعن قضية الأموال وقضية تنمية الثروة لا تغنينا من الله شيئا فنحن نحب أن نسير في طريق تنمية الثروة وطريق العمل ولكن نريد العمل الحلال وقضايا أخرى أكتفي بذكر هذا وأسأل الله تعالى أن يلهم الجميع الصواب. وشكرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>