فمجلس العقد بين الغائبين هو محل وصول الكتاب أو تبليغ الرسالة أو المحادثة الهاتفية أو ما قام مقامهما من الأدوات الحديثة للاتصال... (١) ، فإن تم القبول بعد هذا المجلس لم ينعقد العقد.
الضابط الثالث: أن لا يفهم من الإيجاب (وهو الكلام الأول من المتعاقد الأول) معنى السوم أو الترسمل أو ما شابه ذلك من المعاني التي يرفضها مقتضى العقد، وتحصل كثيرا بين التجار دهاء منهم فيبعثون برقية أو تلكسا أو ما شابه ذلك لا يقصدون من وراء ذلك التعاقد بل معنى تجاريا آخر كمعرفة السعر مثلا أو إظهار نَفَاق البضاعة أو التحدي، ومثل هذه الأمور تكون غالبا في الأدوات الحديثة وعن طريقها لا مشافهة، فحينئذٍ يكون الكلام كله ليس بتعاقد بل يكون ملغى.
خاتمَة
أضع هنا القلم بعد بذل الجهد في تلمس حكم الشريعة في هذه الواقعة، لا أدعي في ذلك الصواب كل الصواب، بل هو محض اجتهاد فيما لا نص فيه ولا حتى قول فقيه، وما كان كذلك فهو اجتهاد جديد، وهو قابل للخطأ والصواب، فإن وفقت للصواب فهو المرجو، وإن لم أوفق فيه للصواب فحسبي منه أجر واحد، وصدق الإمام أبو حنيفة إمام الأئمة الفقهاء حيث يقول (علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاءنا بأحسن منه كان أحق) وفي رواية ثانية (قبلناه) . أما حكم الله في الحادثة فما اتفقت عليه أقوال فقهاء العصر، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
الدكتور محمّد عبد اللطيف صالح الفرفور
(١) انظر: الفقه الإسلامي وأدلته: ٤/١٠٨ و٣٦٤ و ٥٠٣.