للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الأول

في التعاقد عن طريق الكتابة وما في حكمها

كالتلغراف والتلكس وما أشبه ذلك

من وسائل الاتصال الأخرى

وفيه مطلبان:

* الأول: في مذاهب العلماء في التعاقد عن طريق الكتابة ونحوها ثم حكم رجوع الموجب.

* الثاني: في منزع القوانين الوضعية.

المطلب الأول

في مذاهب العلماء في التعاقد عن طريق الكتابة

التعاقد عن طريق الكتابة والمراسلة تزداد شيوعًا يومًا بعد يوم، خاصة في المسائل التجارية. وقد تطورت طرق المراسلة تطور العلوم و (الثقافة والتكنولوجيا) ، وأخذت القوانين الوضعية تفسح لها مجالًا رحبًا بين نصوصه وتخصص لبحثه أبوابًا لأهميته، سواء لتحديد وقت نشوء العقد وترتب آثاره بارتباط الإيجاب والقبول أو تحديد مكان انعقاد العقد لمعرفة القانون الواجب التطبيق على التصرفات ذات العنصر الأجنبي هل هو قانون بلد الإيجاب أم قانون بلد القبول. أما بالنسبة للجانب الفقهي فإن المصادر الفقهية المختلفة تكاد تلتقي في الجملة على جواز التعاقد كتابة، وسأجمل الاتجاهات الفقهية فيه كما يلي:

أولًا- مذهب الأحناف

مثَّل الأحناف للتعاقد عن طريق الكتابة بأن يكتب الرجل إلى الرجل: أما بعد فقد بعت كذا منك بكذا، فبلغه الكتاب فقال في مجلسه اشتريت، انعقد البيع بينهما ويكون كأن الموجب حضر بنفسه وخاطب الآخر بإلايجاب وقبل منه الآخر في المجلس (١) .

وقال ابن عابدين: قلت: ويكون بالكتابة من الجانبين فإذا كتب اشتريت كذا بكذا فكتب إليه البائع قد بعت فهذا بيع كما في التتار خانية. قوله: فيعتبر مجلس بلوغها أي بلوغ الرسالة أو الكتابة. قال في الهداية: الكتابة كالخطاب وكذا الإرسال حتى اعتبر مجلس بلوغ الكتابة وأداء الرسالة.

ثم قال: وقال شمس الأئمة السرخسي في كتاب النكاح من مبسوطه: كما ينعقد النكاح بالكتابة ينعقد البيع وسائر التصرفات بالكتابة أيضًا.


(١) بدائع الصنائع: ٦/٢٩٩٤، شرح فتح القدير: ٦/٢٥٤، ٢٥٥، الفتاوى الهندية ٣/٩، البحر الرائق: ٥/٢٩٠، ٢٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>