لا نخالف الحقيقة إن قلنا: إن الشيخ أحمد إبراهيم هو أول من تصدّى لبحث حكم التعاقد بالتليفون وبواسطة الراديو، وكان بحثه المنشور في مجلة القانون والاقتصاد المرجع الوحيد عند وضع القانون المدني المصري الجديد، كما يبين من الأعمال التحضيرية لهذا القانون.
وقد جاء في المشرع التمهيدي للقانون المدني المصري مادة برقم (١٤٠) ونصها: (يعتبر التعاقد بالتليفون أو بأية طريقة مماثلة كأنه تم بين حاضرين فيما يتعلق بالزمان وبين غائبين فيما يتعلق بالمكان) .
وجاء في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي:
لا يثير التعاقد بالتليفون أو بأية وسيلة مماثلة صعوبة إلا فيما يتعلق بتعيين مكان انعقاد العقد فشأنه من هذه الناحية شأن التعاقد بين الغائبين الذين تفرقهم شُقَّةُ المكان ولذلك تسري عليه أحكام المادة السابقة الخاصة بتعيين مكان التعاقد بين الغائبين، ويعتبر التعاقد بالتليفون قد تم في مكان الموجب إذا فيه يحصل العلم بالقبول ما لم يُتَّفق على خلاف ذلك.
أما فيما يتعلق بزمان انعقاد العقد فالتعاقد بالتليفون لا يفترق عن التعاقد بين الحاضرين، لأن الفارق الزمني بين إعلان القبول وبين علم الموجب به معدوم أو هو في حكم المعدوم، فليس للتفرقة بين وقت إعلان القبول ووقت العلم به أية أهمية علمية لأنهما شيء واحد، وتفريعًا على ذلك يعتبر التعاقد بالتليفون تامًّا في الوقت الذي يعلن فيه من وُجِّه إليه الإيجاب قبولَه، وهذا الوقت بذاته هو الذي يعلم فيه الموجب بالقبول.
ويترتب على إعطاء التعاقد بالتليفون حكم التعاقد ما بين الحاضرين فيما يتعلق بزمان انعقاد العقد أن الإيجاب إذا وجه دون تحديد ميعاد لقبوله ولم يصدر القبول فور الوقت تحلل الموجب من إيجابه.
وهذه هي القاعدة المقررة في الفقرة الأولى من المادة (١٣١) من المشروع بشأن الإيجاب الصادر من شخص إلى آخر بطريق التليفون أو بأي طريق مماثل (١) .
ولكن هذه المادة حذفتها لجنة المراجعة لوضوح حكمها.
(١) القانون المدني والأعمال التحضيرية: ٢/٥٢، ٥٣، الوسيط للسنهوري: ١/٢٣٩.