للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد قال الشيخ رحمه الله في بحثه بعنوان (العقود والشروط والخيارات) (١) : (وأما العقد بالتليفون فالذي يظهر أنه كالعقد مشافهة، مهما طالت الشُّقَّةُ بينهما، ويعتبر العاقدان كأنهما في مجلس واحد، إذ المعنى المفهوم من اتحاد المجلس أن يسمع أحدهما كلام الآخر ويتبينه وهذا حاصل في الكلام بالتليفون، كما هو مشاهد لنا، غاية الأمر أنه يحتمل الكذب وتصنع صوت الغير، لكن هذا قد يحصل في الرسالة والكتابة أيضًا.

وقد يحصل العقد بواسطة الراديو كما نقلت الصحف في هذه الأيام نبأ عقد زواج بين فتاة في بلاد السويد وفتى في أمريكا والمسافة بينهما (٤٢٠٠) كيلو متر، وكان ذلك بواسطة الراديو، وأقول إن القول فيه كالقول في التليفون) .

ويؤيد هذا ما قرره الشافعية من أن المتعاقدين لا يشترط فيهما قرب المكان ولا رؤية بعضهما في صحة العقد، وكذلك في ثبوت الخيار لهما في أحد الاحتمالين وقول المتولي أحد أئمة الشافعية.

جاء في المجموع شرح المهذب:

فرع: لو تناديا وهما متباعدان وتبايعا صح البيع بلا خلاف. وأما الخيار، فقال إمام الحرمين: يحتمل أن يقال لا خيار لهما، لأن التفرق الطارئ يقطع الخيار، فالمقارن يمنع ثبوته، قال: ويحتمل أن يقال يثبت ما داما في موضعهما فإذا فارق أحدهما موضعه بطل خياره، وهل يبطل خيار الآخر أم يدوم إلى أن يفارق مكانه، فيه احتمالان للإمام وقطع المتولي بأن الخيار يثبت لهما ما داما في موضعهما فإذا فارق أحدهما موضعه ووصل إلى موضع لو كان صاحبه في الموضع عُدَّ تفرقًا، حصل التفرق وسقط الخيار هذا كلامه. والأصح في الجملة ثبوت الخيار وأنه يحصل التفرق بمفارقة أحدهما موضعه وينقطع بذلك خيارهما جميعًا.


(١) مجلة القانون والاقتصاد، السنة الرابعة، العدد الخامس: ص٦٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>