للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير أن الشربيني رد على هذا الاعتراض، وذلك من خلال قولهما بعدم اشتراط الترتيب بين الإيجاب والقبول في النكاح، حيث أجاز الوكيل الزوج أن يبادر أولًا فيقول للوليّ: قبلت نكاح فلانة منك لفلان، يعني موكله، فيقول الولي: زوجتها فلانًا، فعقد النكاح صحيح في هذه الحالة، وقياسه أنه يجوز مثل ذلك في البيع أيضًا (١) .

وهذه وجهة نظر المالكية أيضًا، فقد ذكر ابن عرفة، أنه كما ينعقد البيع بالمعاطاة، ينعقد كذلك بتقدم القبول من المشتري على إيجاب البائع (٢) . وإلى هذا ذهب الحنابلة أيضًا، ذكر ذلك ابن النجار قائلًا: (وصح تقدم قبول – على إيجاب – بلفظ أمر أو ماضٍ مجرد عن استفهام ونحوه) (٣) .

فعلى هذا تكون آراء الفقهاء المتقدمة مطبقة على جواز تقدم القبول على الإيجاب، وأن ذلك لا يؤدي إلى أي خلال في العقد، لأن العبرة بالمعنى وإفادة المقصود وذلك حاصل في حالة تقدم الإيجاب على القبول أو العكس.

رأي القانون في الإيجاب والقبول:

ذكر الأستاذ منير القاضي في شرحه للمجلة أن الإيجاب معناه الإثبات (وهو أول كلام يصدر من أحد العاقدين بخصوص العقد فهو يريد إثبات العقد بانضمام قبول الثاني) . كما يعرّف القبول، بأنه الرغبة والرضا، وهو ما يصدر من العاقد ثانيًا، ومجموع الإيجاب والقبول، يسمى (صيغة العقد) (٤) .

والتعريف كما هو واضح يتفق مع تعريف فقهاء المسلمين للإيجاب والقبول كما رأينا.

وقد نحا المقنن العراقي منحى فقهاء المسلمين والمجلة في تعريفه للإيجاب والقبول، حيث نص في الفقرة الأولى من المادة (٧٧) من القانون المدني على ما يلي: (١- الإيجاب والقبول، كل لفظين مستعملين عرْفًا لإنشاء العقد، وأي لفظ صدر أولًا فهو إيجاب والثاني قبول) .

وكذلك جارى المقنن العراقي فقهاء المسلمين فيما ذهبوا إليه عندما أجاز تقدم القبول على الإيجاب ولم يشترط الترتيب بينهما، واعتبر اللفظ الصادر أولًا هو الإيجاب سواء صدر من البائع أو المشتري، كما هو الملاحظ من النص السابق.


(١) انظر مغني المحتاج: ٢/٥.
(٢) انظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ٣/٣.
(٣) انظر منتهى الإرادات: ١/٣٣٨.
(٤) انظر: ١/١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>