للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنه في حالة تكذيب المرسل إليه، على المرسل إثبات ذلك بالبينة أو بأية وسيلة إثبات أخرى.

ومثل عقد البيع في الحكم عقد النكاح أيضًا، حيث يجوز عقده بالرسالة أو الكتابة، ويعتبر محل بلوغ الرسالة أو الكتابة هو مجلس العقد، إلا أنه ينبغي مراعاة الإشهاد في النكاح، إذ لا نكاح إلا بشهود. (١) .

وبجواز التعاقد بواسطة الكتابة والمراسلة قال الإمام الشافعي أيضًا، فقد ذكر النووي في الروضة، أن البيع ينعقد بالمكاتبة على رأي المذهب، لحصول التراضي (٢) .

وذكر في موضع آخر قائلًا: لو أن رجلًا قال بعت داري لفلان وهو غائب، فلما بلغه الخبر، قال: قبلت، انعقد البيع، لأن النطق على حد تعبيره أقوى من الكتابة، وإذا قبل المكتوب إليه تثبت له خيار المجلس ما دام في مجلس القبول، ويتمادى خيار الكاتب أيضًا إلى أن ينقطع خيار المكتوب إليه، حتى لو علم أنه رجع عن الإيجاب قبل مفارقة المكتوب إليه مجلسه، صح رجوعه ولم ينعقد البيع (٣) .

وكذا أجاز المالكية (٤) . والحنابلة (٥) التعاقد بالمكاتبة والمراسلة.

٢- ذهب بعض فقهاء الشافعية إلى عدم جواز التعاقد بالكتابة والمراسلة (٦) . وهذا هو رأي الزيدية والهادوية (٧)

والرأي المختار عندي هو رأي الجمهور الذي أجازوا فيه التعاقد بالكتابة والمراسلة لوجاهة أدلتهم من جهة ولما فيه من مصلحة وتيسير على الناس.

الصيغة التي يتم بها التعاقد في القانون:

نحا المقنن العراقي منحى فقهاء المسلمين عندما نص في الفقرة الثانية من المادة (٧٧) من القانون المدني على انعقاد العقد بإيجاب وقبول بلفظ الماضي وبلفظ المضارع أو الأمر إذا أريد بهما الحال (٨) .

وقد اعتبر المقنن المذكور صيغة الاستقبال التي هي بمعنى الوعد المجرد صيغة يصح التعاقد بها، والوعد ملزم في هذه الحالة إذا انصرف إلى ذلك قصد المتعاقدين، وهذا هو منطوق المادة (٧٨) من القانون المدني العراقي التي نصت على ما يلي: (صيغة الاستقبال التي هي بمعنى الوعد المجرد ينعقد بها العقد وعدًا ملزمًا إذا انصرف إلى ذلك قصد العاقدين) .

والوعد ملزم ديانةً عند فقهاء المسلمين، أما قضاءً فهو محل خلاف بينهم على ما فصلته كتب الفقه (٩) .


(١) الكاساني في البدائع أيضًا: ٦/٣٩٩٤.
(٢) انظر: ٣/٣٣٨.
(٣) انظر: ٣/٣٣٨.
(٤) انظر الدردير في الشرح الكبير: ٣/٣.
(٥) انظر البهوتي في كشاف القناع: ٣/١٤٨.
(٦) الروضة أيضًا: ٣/٣٣٩.
(٧) انظر الروض النضير: ٣/٤٢٦
(٨) ونص الفقرة كما يلي: (٢- ويكون الإيجاب والقبول بصيغة الماضي كما يكونان بصيغة المضارع أو بصيغة الأمر إذا أريد بهما الحال) .
(٩) انظر بحثنا الوفاء بالوعد والمقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة المنعقدة بالكويت. والمطبوع على الآلة الكاتبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>