للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيع بالإشارة:

اتفق الفقهاء على أن إشارة الأخرس تقوم مقام لفظه، فإن لم تفهم إشارته أو جنّ أو أغمي عليه قام وليه من الأب أو وصية أو الحاكم مقامه.

قال النووي: (يصح بيع الأخرس وشراؤه بالإشارة والكتابة) (١) . وهذا ما نص عليها الفقهاء الآخرون (٢) .

حكم التعاقد بالكتابة والمراسلة:

١- ذهب جمهور العلماء إلى جواز ذلك، قال الكاساني: (والأصل أن أحد الشطرين من أحد العاقدين في باب البيع يتوقف على الآخر في المجلس ولا يتوقف على الشطر الآخر من العاقد فيما وراء المجلس بالإجماع إلا إذا كان عنه قابل أو كان بالرسالة أو الكتابة) (٣) .

وقد دلل الكاساني على وجهة نظره هذه بما يلي:

(أ) فيما يخص المراسلة قال: إن الرسول سفير ومعبر عن كلام المرسل وناقل لكلامه إلى المرسل إليه، فكأنه حضر بنفسه فأوجب البيع وقبل الآخر في المجلس.

(ب) أما بالنسبة للكتابة، فإن خطاب الغائب لا يكون إلا بطريق الكتابة، وخطابه بمثابة حضوره بنفسه، فكأنه خاطب بالإيجاب وقبل الآخر في المجلس.

فعلى هذا لو أرسل رجل ببغداد رسولا إلى البصرة مثلًا قائلا للرسول: إني بعت داري التي في البصرة لفلان الغائب فاذهب إليه وأخبره بذلك، فذهب الرسول وبلغ الرسالة، فقال المشتري في مجلسه ذلك: قبلت، انعقد البيع. ومثل الرسالة في الحكم ما إذا أبرق له برقية أو كتب له رسالة يخبره ببيع داره أو سلعته المعينة، فقبل المخاطب، فالعقد يتمّ في هذه الحالة.

ولو خاطب ثم رجع قبل قبول الآخر، صح رجوعه، وكذا لو أرسل رسولا ثم رجع (لأن الخطاب بالرسالة لا يكون فوق المشافهة، وذا محتمل للرجوع فههنا أولى) سواء علم الرسول برجوع المرسل أو لم يعلم.


(١) انظر الروضة: ٣/٣٤١.
(٢) انظر ابن قدامة في المغني: ٣/٤٨٥، الكاساني في البدائع: ٦/٢٩٨٨، الخرشي: ٥/٥.
(٣) البدائع أيضًا: ٦/٢٩٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>