للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأي الفقهاء في البيع بالمعاطاة:

اتجه الفقهاء في البيع بالتعاطي اتجاهين:

١- ذهب أصحاب الاتجاه الأول إلى عدم صحة البيع بالمعاطاة هذا هو رأي الإمام الشافعي، جاء في الروضة: (المعاطاة ليست بيعًا على المذهب) (١) . وقال الفيروز أبادي: (ولا ينعقد البيع إلا بالإيجاب والقبول، فأما المعاطاة فلا ينعقد بها البيع) (٢) .وبهذا قال الكرخي من الحنفية فيما لو كان المعقود عليه نفيسًا (٣) .وحكى ابن قدامة عن القاضي الحنبلي مثل هذا الرأي أيضًا (٤) . وبه قالت الزيدية والهادوية (٥) .

٢- ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز البيع بالتعاطي، جاء في مختصر سيدي خليل المالكي: (ينعقد البيع بما يدل على الرضا وإن بمعاطاة) (٦) . قال الخرشي معقبًا على ذلك: وينعقد البيع وإن كان ما يدل على الرضا أو الدال عليه معاطاة، كأن يعطي رجل لآخر الثمن فيعطيه المثمون من غير إيجاب ولا استيجاب (٧) . وهذه وجهة نظر الأحناف ما عدا الكرخي، نص على ذلك صاحب الهداية حيث قال: ينعقد البيع بالتعاطي في النفيس والخسيس وهو الصحيح لتحقق المراضاة من المتعاقدين (٨) ، وهذا ما نص عليه الإمام أحمد (٩) . وبه قال بعض أئمة الشافعية أيضًا، وهو المختار عند النووي والمتولي والبغوي، لرجحان دليل جواز البيع بالمعاطاة من جهة، لأنه على حد تعبير صاحب الروضة، لم يصح في الشرع اشتراط لفظ، فوجب الرجوع إلى العرف كغيره من الألفاظ (١٠) .

ومن أبرز أدلة الجمهور على جواز البيع بالمعاطاة ما يلي:

(أ) أن الله قد أحلّ البيع ولم يبين كيفيته، فوجب الرجوع فيه إلى العرف، وعرف الناس جارٍ على هذا.

(ب) لم ينقل عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا عن أحد من أصحابه مع كثرة تعاملهم بالبيع استعمال صيغة الإيجاب والقبول، ولو استعملوا ذلك في بياعاتهم، لنقل نقلًا شائعًا.

(ج) أن الناس يتبايعون في أسواقهم بالمعاطاة في كل عصر ولم ينكر عليهم أحد، فكان ذلك إجماعًا (١١) .

والمرجح عندي رأي الجمهور لوجاهة أدلتهم ولما فيه من تيسير على الناس.


(١) انظر: ٣/٣٣٦.
(٢) انظر المهذب: ١/٢٥٨.
(٣) انظر فتح القدير: ٥/٧٧.
(٤) انظر المغني: ٣/٤٨١.
(٥) الروض النضير: ٣/٤٢٦.
(٦) انظر الخرشي على سيدي خليل: ٥/٥.
(٧) انظر الخرشي على سيدي خليل: ٥/٥.
(٨) انظر فتح القدير٥/٧٧.
(٩) انظر المغني: ٣/٤٨٠.
(١٠) الروضة: ٣/٣٣٧.
(١١) ابن الهمام في فتح القدير: ٥/٧٧، ابن قدامة في المغني: ٣/٤٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>