للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلى هذا ذهب الحنابلة في رواية عنهم (١) . وقال الشافعية بجواز العقد في هذه الحالة أيضًا، فقد حكى النووي عن الغزالي، أنه لو قال أحد المتبايعين: بعني، فقال: قد باعك الله أو: بارك الله لك فيه، فإن نوى المتعاقدان البيع، صح، وإلا فلا (٢) . وبهذا قال المالكية أيضًا (٣) . وهذه هي الرواية الثانية للحنابلة (٤) .

وهذا ما أختاره، لأن النية هي المعتبرة في مثل هذه العقود، والله أعلم.

كيف يتم العقد؟

إذا أوجب أحد المتعاقدين العقد بالصيغة الدالة عليه على النحو الذي ذكرناه، كان للمتعاقد الآخر أن يقبل هذا الإيجاب إلى حين انفضاض المجلس، وهذا ما يسمى بخيار القبول.

ولما كان الموجب نفسه بالخيار أيضًا في رأي أكثر المذاهب (٥) بين البقاء على إيجابه أو الرجوع عنه، فمعنى ذلك أن الإيجاب غير ملزم، وللموجب أن يرجع عن إيجابه قبل صدور القبول، وهذا ما يسمى بخيار الرجوع، فإذا انفض المجلس دون أن يصدر القبول، سقط الإيجاب. وإذا بقي الموجب على إيجابه، وصدر من المتعاقد الآخر قبل انفضاض المجلس قبول يطابق الإيجاب من جميع الوجوه، انعقد العقد (٦) .

حكم التعاقد بغير صيغة لفظية:

قلنا فيما سبق: إن صيغة العقد تظهر حقيقة رغبة المتعاقدين في إبرام العقد وإن صيغة الماضي هي الصيغة المؤثرة عند فقهاء المسلمين لانعقاد العقد، ونريد أن نبين هنا حكم ما إذا أراد المتعاقدان أن يعبِّرا عن رغبتهما بغير صيغة لفظية، سواء كان ذلك بمحض اختيارهما كما في التعاطي أو اضطر أحدهما أو كلاهما لذلك كالإشارة بالنسبة للأخرس، أو المراسلة والكتابة بالنسبة للغائبين.


(١) انظر المغني: ٣/٤٨١.
(٢) انظر الروضة: ٣/٣٣٩.
(٣) الخرشي على سيدي خليل: ٥/٦.
(٤) المغني: ٣/٤٨١.
(٥) سنتكلم عن هذه الجزئية بالتفصيل بإذن الله.
(٦) انظر مصادر الحق: ٢/٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>