للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطابق الإيجاب والقبول شرط لصحة العقد في القانون:

وكما اشترط فقهاء المسلمين تطابق الإيجاب والقبول لصحة العقد، اشترطه المقنن العراقي، أيضًا، حيث نص في المادة (٨٥) من القانون المدني على ما يلي: (إذا أوجب أحد العاقدين يلزم لانعقاد العقد قبول العاقد الآخر على الوجه المطابق للإيجاب) .

وقد بين المقنن في المادة (٨٦) الكيفية التي يتم بها تطابق الإيجاب والقبول، وذلك في فقرتين، نص في الأولى منهما على ما يلي: (١- يطابق القبول الإيجاب إذا اتفق الطرفان على كل الوسائل الجوهرية التي تفاوضا فيها، أما الاتفاق على بعض هذه المسائل فلا يكفي لالتزام الطرفين حتى لو أثبت هذا الاتفاق بالكتابة) .

أما الفقرة الثانية فقد تناولت حكم ما إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية أثناء العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية على أساس أن يتفقا عليها فيما بعد، ولم يشترط عند التعاقد بإلغاء العقد في حالة عدم الاتفاق على تلك المسائل، ففي هذه الحالة يرى المقنن نفاذ العقد.

وإذا نشب خلاف في المستقبل حول المسائل المسكوت عنها حين التعاقد، فالأمر يؤول إلى المحكمة لتقضي بها طبقًا لطبيعة الموضوع ولأحكام القانون والعرف والعدالة (١) .

مجلس العقد:

سبق وأن ذكرنا أن اتحاد المجلس شرط في إبرام العقد، والغرض من هذا الشرط، هو تحديد المدة التي يصح أن نفصل القبول عن الإيجاب حتى يتمكن من عرض الإيجاب من المتعاقدين أن يفكر في الأمر فيقبل الإيجاب أو يرفضه، ولو أردنا أن نشترط على الطرف المقابل القبول فورًا، لألحقنا به الضرر من جراء ذلك، إذ ربما لا يتهيأ له الوقت الكافي للتدبر.

وفكرة مجلس العقد في الفقه الإسلامي كما يقول عنها الأستاذ السنهوري (نظرية بلغت من الإتقان مدى كبيرًا لولا إغراقها في المادية، فلا يطلب من المتعاقد الآخر القبول فورًا بل له أن يتدبر بعض الوقت، ولكن من جهة أخرى لا يسمح له أن يمعن في تراخيه إلى حد الإضرار بالموجب وذلك بإبقائه معلقًا مدة طويلة دون الرد على إيجابه، فوجب إذن التوسط بين الأمرين، ومن هنا نبتت نظرية مجلس العقد) (٢) .


(١) ونص الفقرة الثانية من المادة (٨٦) كالآتي: (٢- وإذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا أن العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل فيعتبر العقد قد تم وإذا وقع خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فالمحكمة تقضي فيها طبقًا لطبيعة الموضوع ولأحكام القانون والعرف والعدالة)
(٢) انظر مصادر الحق: ٢/٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>