للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أنكر المالكية والحنفية خيار المجلس، بحجة: أن في الفسخ إبطالًا لحق الطرف الآخر، فلا يجوز، وحملوا الحديث على خيار القبول (١) .

والراجح عندي من الآراء الرأي الذي لا يقول بخيار المجلس، ومما يؤكد رجحان هذا الرأي هو:

١- أن الأخذ برأي القائلين بخيار المجلس يقتضي تعليق العقد لحين انفضاض المجلس، ولما كان وقت انفضاض المجلس غير منضبط فهو متوقف على التفرق، وفي ذلك محاذير كثيرة (٢) .

٢- أن القول بخيار المجلس يزعزع من قوة العقد الملزمة، وما هي الفائدة من اشتراط تطابق الإرادتين واقتران القبول والإيجاب إذا كان العقد غير مستقر ومعرَّضًا للفسخ.

٣- إذا كان القصد من خيار المجلس هو إعطاء حرية أكثر للمتعاقدين في المضي في العقد أو فسخه، ففي خيار القبول وخيار الرجوع من التدبر والتروّي ما يكفي الطرفين لاتخاذ القرار الحاسم لإمضاء العقد أو إلغائه.

٤- أما الاحتجاج بالحديث فقد حمله الأحناف على خيار القبول وفيه إشارة إليه، فإن المتعاقدين متبايعان حالة المباشرة لا بعدها، أو يحتمل خيار القبول فيحمل عليه (٣) .

التعاقد بين الغائبين:

إن التعاقد بين الغائبين كالتعاقد بين الحاضرين، يجب أن يتم في مجلس العقد وللموجب فيه خيار الرجوع في إيجابه، وللمتعاقد الآخر خيار القبول، ويجب فيه مطابقة القبول للإيجاب على النحو الذي فصلناه في التعاقد بين الحاضرين.

إلاَّ أن التعاقد بين الغائبين له خصائص كما ذكر الأستاذ السنهوري يتميز بها عن التعاقد بين الحاضرين من حيث:

(أ) مجلس العقد.

(ب) وقت تمام العقد.

(ج) خيار الرجوع وخيار القبول وخيار المجلس


(١) انظر فتح القدير ٥/٨١، بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد ٢/١٣٩.
(٢) انظر الأستاذ السنهوري في مصادر الحق ٢/٣٨.
(٣) انظر ابن الهمام في فتح القدير: ٥/٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>