للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دلل الجمهور على وجهة نظرهم هذه بما يلي:

(أ) أن الثابت للقابل بالإيجاب حق التملك في المعقود عليه، في حين أن الثابت للموجب حق الملك، وهو أقوى من حق التملك فيقدم عليه.

(ب) أن الالتزام لا يتحقق إلا إذا وجد العقد، والعقد لا يتم إلا بتطابق الإيجاب والقبول، فما لم يوجد قبول، لا يعتبر العقد موجودًا ومن ثَمَّ لا ينشأ التزام، ومن هنا جاز للموجب الرجوع عن إيجابه قبل القبول إذا لم يوجد بعد التزام يمنعه من الرجوع.

وقد احتج المالكية بقولهم: إن الموجب قد بذل ذلك من نفسه وأوجبه عليها، فليس من حقه الرجوع بعد ذلك.

ورأي الجمهور هو الراجح لوجاهة أدلتهم.

* ثالثًا: أن يعطى للمتعاقدين خيار المجلس وهذا الخيار يعني أن لكل عاقد الحق في فسخ العقد ولو بعد إبرامه ما داما في مجلس واحد، فإذا انفض المجلس بطل الخيار.

وخيار المجلس محل خلاف بين الفقهاء، فقد أثبته كثير من فقهاء السلف، منهم ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب وشريح والشعبي، وبه قال الشافعية والحنابلة (١) ، مستدلين بالحديث الصحيح الذي رواه ابن عمر وهو أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ((إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يفترقا وكان جميعًا أو يخيِّر أحدهما الآخر، فإن خيَّر أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك أحدهما البيع فقد وجب البيع)) (٢) .


(١) انظر النووي في الروضة ٣/٤٣٢، وابن النجار الحنبلي في منتهى الإرادات ١/٣٥٦، المغني ٣/٤٨٢.
(٢) الحديث متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>