للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا الرأي نجعل مجلس العقد ممتدًّا مدة الزمن الذي يظل فيه المتعاقدان مشتغلين بالتعاقد سواء برحا في مكانهما أو غادراه، فإذا اشتغل كلاهما أو أحدهما بشيء آخر وأعرض عن الكلام في العقد، فعندئذٍ نحكم بانقطاع المجلس واعتباره منفضًّا، ولا يحكم بانفضاضه فيما سوى ذلك حتى لو برحا هذا المكان. وعندئذٍ لا حاجة بنا إلى التمييز بين المشي والسير وبين سير الدابة وجريان السفينة، ثم لا نحتار بعدُ فيما استحدث من طرق المواصلات كالسير بقطار السكة الحديدية والسفر بالسفن بالبخارية وغير ذلك (١) .

والرأي الذي ذكره الأستاذ السنهوري وجيه من وجهة نظري لما ذكره من تعليل، والله أعلم.

الآثار المترتبة على نظرية مجلس العقد:

يترتب على القول بمجلس العقد الأحكام التالية:

* أولًا: أن يكون للطرف المخاطب بالإيجاب خيار القبول لحين انفضاض المجلس، فهو غير ملزم بالقبول، إذا لو ألزمناه بذلك، لآل الأمر إلى تجارة من غير تراضٍ وهذا لا يجوز.

* ثانيًا: أن يكون للطرف الموجب خيار الرجوع عن إيجابه إلى أن يصدر القبول أو ينفض المجلس، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية، والحنابلة (٢) . وخالف المالكية حيث لم يجيزوا للموجب حق الرجوع (٣) .


(١) انظر مصادر الحق: ٢/١٤.
(٢) ابن الهمام في فتح القدير: ٥/٧٨، النووي في الروضة: ٣/٣٣٩، البهوتي في كشاف القناع: ٣/١٤٧.
(٣) القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن، وقد جاء فيه ما نصه: (ولو قال البائع بعتك بعشرة ثم رجع قبل أن يقبل المشتري فقد قال – يعني مالكًا – ليس له أن يرجع حتى يسمع قبول المشتري أورده) ، انظر ٣/٣٥٧ الطبعة الثالثة، دار الكتب المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>