العقد في اصطلاح الفقهاء يطلق بإطلاقين عام وخاص، فالمعنى العام يراد به كل التزام تعهد الإنسان بالوفاء به سواء كان في مقابل التزام آخر كالبيع والشراء ونحوه أم لا. وسواء كان التزامًا دينيًّا كأداء الفرائض والواجبات أم التزامًا دنيويًّا.
قال أبو بكر الجصاص:(كل شرط شرطه إنسان على نفسه في شيء يفعله في المستقبل فهو عقد، وكذلك النذور وإيجاب القرب وما جرى مجرى ذلك) . ومن هنا يتبين لنا أن العقد بمعناه العام لا يشترط فيه تطابق إرادتين، بل يتحقق بإرادة منفردة.
أما المعنى الخاص للعقد، فهو الالتزام الذي لا يتحقق إلا من طرفين، وهذا المعنى هو المراد عند إطلاق الفقهاء لفظ العقد، فهم يعنون به صيغة الإيجاب والقبول الصادرة من متعاقدين.
وقد جاء تعريف العقد على لسان بعض رجال القانون بما يشبه تعريف الفقهاء له.
أركان العقد:
لا يتحقق العقد إلا بوجود أركانه الثلاثة، وهي: الصيغة والعاقدان والمعقود عليه.
وقد اقتصر الحنفية من بين الفقهاء الآخرين على ذكر الإيجاب والقبول عند كلامهم عن أركان العقد، إلا أنه يقتضي بالضرورة وجود الركنين الآخرين عند غيرهم، إذ لا يتصور تحقق الإيجاب بدون موجب ولا قبول بغير قابل، كما أن الإيجاب والقبول يقتضي وجود محل يجري التعاقد فيه، ومن يتتبع أقوالهم رحمهم الله تعالى يتبين له أن اعتبار صيغة الإيجاب والقبول هي ركن العقد عندهم، هو اصطلاح لفظي فقط.
صيغة العقد:
قلنا إن العقد عبارة عن ارتباط إرادتين في مجلس واحد يسمى مجلس العقد، وإن هذا الارتباط ينبئ عن الرضا والاختيار الذين يعتبران هما أساس العقد وركنه الذي لا يقوم بغيره. وبما أن الرضا أمر خفي ليس بالإمكان معرفته أقام الشارع مقامه ما يدل عليه من قول أو فعل محسوس، وبهذا تكون الإرادة الظاهرة هي المظهر الخارجي للتعبير عن الإرادة الباطنة، فالإرادة الباطنة التي يعبر عنها بالرضا هي الركن الحقيقي للعقد وإلى هذا تشير عبارات كثيرة من الفقهاء رحمهم الله تعالى.