حكم التعاقد بغير صيغة لفظية:
١- التعاقد بالمعاطاة: وقد اتجه الفقهاء في ذلك اتجاهين. ذهب الجمهور إلى جواز ذلك، وقال الشافعي وفقهاء آخرون بعدم جواز البيع بالتعاطي. ورأي الجمهور الراجح. لوجاهة أدلتهم ولما فيه من تيسير على الناس.
٢- البيع بالإشارة: وقد اتفق الفقهاء على أن إشارة الأخرس تقوم مقام لفظه فإن لم تفهم إشارته أو جنّ أو أغمي عليه قام وليه أو وصيه أو الحاكم مقامه.
٣- التعاقد بالكتابة والمراسلة: وقد أجاز الجمهور رحمهم الله تعالى التعاقد بهاتين الوسيلتين. وذهب بعض فقهاء الشافعية والزيدية والهادوية إلى عدم جواز التعاقد بالكتابة والمراسلة. ورأي الجمهور هو المختار.
مجلس العقد:
قلنا إن اتحاد المجلس شرط في إبرام العقد، والغرض من هذا الشرط، هو تحديد المدة التي يصح أن تفصل القبول عن الإيجاب حتى يتمكن من عُرِضَ عليه الإيجابُ من المتعاقدين أن يفكر في الأمر فيقبل الإيجاب أو يرفضه.
حدود مجلس العقد:
يفهم من أقوال الفقهاء رحمهم الله تعالى أن المجلس هو المكان الذي يضم المتعاقدين ويبدأ من وقت صدور الإيجاب ويستمر ما دام المتعاقدان منصرفين إلى التعاقد ولم يبديا إعراضًا عنه.
ويعتبر المجلس منفضًّا في حالة الإعراض كما قلنا وفي حالة قيام العاقد وتركه المكان الذي صدر فيه الإيجاب.
ويعتبر المجلس قد استنفد غرضه في حالة قبول أو رفض الطرف الثاني. ولو انفض المجلس دون أن يقبل الطرف المقابل، فالإيجاب يعتبر لاغيًا في هذه الحالة ولا فائدة في قبول الطرف الآخر بعدئذ. فإن أفصح عن قبوله، عُدَّ قبولُه إيجابًا مبتدأ يحتاج إلى قبول من الطرف الأول في مجلس الإيجاب المبتدأ.
الآثار المترتبة على نظرية مجلس العقد:
يترتب على القول بمجلس العقد الأحكام التالية:
١- أن يكون للطرف المخاطب بالإيجاب خيار القبول لحين انفضاض المجلس، إذا هو غير ملزم بالقبول.
٢- أن يكون للطرف الموجب خيار الرجوع عن إيجابه إلى أن يصدر القبول أو ينفض المجلس، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة، وخالف المالكية في ذلك. والراجح رأي الجمهور لوجاهة أدلتهم.
٣- أن يعطى للمتعاقدين خيار المجلس، وهذا الخيار محل خلاف بين العلماء فقد أثبته كثير من فقهاء السلف وبه قال الشافعية والحنابلة ونفاه المالكية والحنفية.
وقد رجحت رأي القائلين: بعدم مشروعية خيار المجلس، لمَّا تبين لي وجاهة أدلتهم.