٢- أن الفقهاء الأوائل الذين نصوا على عدم جواز اعتماد الحساب في تحديد بداية الشهر القمري للصوم والإفطار بديلا من الرؤية البصرية، وسموه حساب التسيير قالوا إنه قائم على قانون التعديل وهو ظني مبني على الحدس والتخمين (كما نقلناه عن العلامة ابن حجر وابن بطال وابن بزيزة والنووي والسندي والعيني والقسطلاني) قد بنوا على حالة هذا الحساب الذي كان في زمنهم، حيث لم يكن في وقتهم علم الفلك (الذي كان يسمى علم الهيئة وعلم النجوم أو علم التسيير أو التنجيم) قائما على رصد دقيق بوسائل محكمة، إذ لم يكن آنذاك المراصد المجهزة بالمكبرات من العدسات الزجاجية التي تقرب الأبعاد الشاسعة التي يصعب على العقل تصورها والتي تتبع حركات الكواكب والنجوم وتسجلها بأجزاء من الثانية الواحدة وتقارن بين دورتها بهذه الدقة ولذا سموه بالتسيير الذي يقوم على قانون التعديل حيث يأخذ المنجم الذي يحسب سير الكواكب عددا من المواقيت السابقة ويقوم بتعديلها بأخذ الوسطى منها ويبني عليه حسابه (وهذا معنى قانون التعديل كما يشعر به كلامهم نفسه) من هنا كان حسابهم حدسيا وتخمينيا كما وصفه أولئك الفقهاء الذين نفوا جواز الاعتماد عليه. وإن كان بعضهم كالإمام النووي صرح بجواز اعتماد حسابهم لتحديد جهة القبلة ومواقيت الصلاة دون الصوم (مع أن الصلاة في حكم الإسلام أعظم خطورة من الصوم بإجماع الفقهاء وأشد وجوبا وتأكيدا) كما نقلنا آنفا كلام ابن بطال بأن " لنا أن ننظر في علم الحساب ما يكون عيانا أو كالعيان ... ".
٣- أن الفقهاء الأوائل واجهوا أيضا مشكلة خطيرة في عصرهم وهي الارتباط الوثيق حينئذ بين العرافة والتنجيم والكهانة والسحر من جهة وبين حساب النجوم. (بمعنى علم الفلك) من جهة أخرى.