للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ملاحظة مهمة:

نقلنا سابقا أن العلامة ابن حجر - رحمه الله - في فتح الباري عندما بين أن حساب التسيير أي علم النجوم وسيرها لا يعول عليه في الحكم ببدايات الشهور القمرية لأنه ظني قائم على الحدس والتخمين قال بعد ذلك:علق الشارع الحكم بالصوم وغيره بالرؤية" لرفع الحرج عنهم واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك ... بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا" اهـ.

فنقول: أن رأينا اليوم بجواز اعتماد الحساب الفلكي ليس معناه (تعليق الحكم في الصيام وغيره بهذا الحساب أصلا) بل إننا نقول بأن حكم الشريعة باعتماد الرؤية البصرية باق إلى يوم الدين على أنه هو الأصل ذلك لأن الشرع الإسلامي الأخير الخالد لا يمكن أن يربط حكما شرعيا بأمور تتوقف على علم قد يوجد وقد لا يوجد وقد تفقد قواعده وعلماؤه بعد الوجود فمن يتصور هذا التصور يكون من أجهل الجاهلين بخطة الإسلام ونهجه في بناء الأحكام.

وإنما مرادنا بإمكان اعتماد الحساب الفلكي اليوم هو أنه جائز لا مانع منه شرعا - بعد أن وصل علم الفلك إلى ما وصل إليه من الدقة المدهشة واليقينية - طريقا مقبولا لا يحقق ما تحققه الرؤية، بصورة أيسر وأبعد عن الخطأ مع بقاء الرؤية هي الأصل بمعنى أنه إذا فقد هذا العلم بسبب عام أو في بعض البلاد بقيت الرؤية مستندا في الحكم. فكثيرا ما يمكن في الشرع اللجوء إلى بديل عن أصل مع بقاء ذلك الأصل ومن أمثلة ذلك أن الأصل أن يكون الإنسان ملتزما بنتائج ما بصدر عنه من تصرفات باشرها بنفسه فيما يتعلق بحقوقه والتزماته ولكن تقبل الوكالة بديلا من تصرفه بنفسه للحاجة مع بقاء الأصل وهكذا في كثير من الأحكام الشرعية.

فتصور أن قبول الحساب الفلكي في موضوعنا يستلزم أن يكون ذلك هو الأصل في حكم الصوم والإفطار دون الرؤية خلافا للحديث النبوي هو تصور غير وارد.

<<  <  ج: ص:  >  >>