للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما اتفاق فيينا ينص في مادته (١٣) على أن التعبير (الكتابي) يتضمن – من وجهة نظر غاية هذا الاتفاق – التعبيرات عن الإرادة التي ترسل بالتلغراف والتلكس أيضًا، وبهذا اعتبر هذا الاتفاق التلكس من وسائل المراسلة الكتابية. (١) .

أما الباحثون المعاصرون في الفقه الإسلامي فيمكننا أن نعثر على رأيين مختلفين عندهم أيضًا. فيعتبر مثلًا د. القره داغي – ونخن نشاركه الرأي – التلكس مثل البرق (٢) ، ولكن الإبراهيم الذي كتب مقالًا يتناول حكم التعاقد بوسائل الاتصال الحديثة بصورة خاصة لا يرى فرقًا بين التلكس والتلفون من جهة نوعية المراسلة ويسوّي حكم التعاقد بهما (٣) . ونود الإشارة – قبل كل شيء – إلى أن عبارة د. الإبراهيم التالية لا تعكس الحقيقة حيث يقول: (فالتلكس أحدث وسائل الاتصالات التي تتم بها معظم حالات تبادل الإيجاب والقبول التي تترك أثرًا مكتوبًا) ، لأن هناك وسائل أحدث من التلكس مثل الفاكس. وغايتنا الأساسية إلى هذه الحقيقة المعروفة التي لا تحتاج الوقوف عندها بصورة خاصة، هي التنبيه إلى أن المؤلف المذكور يبدو أنه لم تتح له فرصة كافية لدراسة قضايا هذا الموضوع كما يدل على ذلك مجمل الانتقادات التي أشرنا إليها سابقًا أيضًا. ومن جهة أخرى فإن التعاقد عن طريق التلكس لا يشبه التعاقد عن طريق التلفون إلا إذا تبادل الطرفان الإيجاب والقبول وهما عند آلتي التلكس كما أن إلحاق التعاقد عن طريق التلكس في هذه الحالة بالتعاقد بين الحاضرين رأي لا يميل إليه معظم الحقوقيين.

ومع أن الفاكس أسرع وأحدث بالنسبة إلى التلكس ومع أن المراسلة به يتحقق عن طريق الخط الهاتفي فإننا لا نرى إلحاقه بهذه الفئة – التي نحن بصدد دراستها – نظرًا لتحليلاتنا السابقة سواء بالنسبة للتعاقد عن طريق التلفون أو التعاقد عن طريق التلكس والفاكس.

والخلاصة أننا نرى أن الوسائل التي تمكّن الطرفين من تبادل الإيجاب والقبول شخصيًّا وبشكل مباشر يسمح لهما التعاقد كما في التعاقد بين الحاضرين بعينه هي التي يمكن اعتبارها وحدها في هذه الفئة.


(١) انظر في هذه المسألة: STOFFEL، Formation du contrat، P. ٦٠-٦١.
(٢) القره داغي، مبدأ الرضا، ٢/٩٥٠-٩٥٦.
(٣) الإبراهيم، (حكم إجراء العقود) ، ص١٢٩، ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>