للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخاتمة وملخص البحث

سنحاول فيما يلي أن نعرض النتائج التي توصلنا إليها من خلال بحثنا هذا مع ملخص للبحث. (وقد أشرنا تحت عنوان التمهيد وتحديد الموضوع إلى بعض الموضوعات الجانبية التي لم نعتبرها في نطاق موضوع بحثنا والتي قد يتساءل القارئ عن عدم تناولنا إياها) .

بعض الملاحظات التي تشكل نقطة الانطلاق لآرائنا:

قبل كل شيء ينبغي لنا أن نشير إلى بعض العوامل الأساسية التي أثرت على أسلوب تفكيرنا وصولًا إلى النتائج التي سنذكرها بعد قليل.

١- بالرغم من أن مسائل انعقاد العقد (أي تكونه نتيجة لتلاقي إرادتين مختلفتين وللتعبير عنهما بتعبيرين متتالين) كانت مجهولة في القانون الروماني الذي ذاعت شهرته في تناول المفاهيم بشكل دقيق خاصة في مجال الالتزامات، وبالرغم من أن الفقه الغربي لم يتناول هذه المسائل إلا منذ القرن السابع عشر، فإن الفقهاء المسلمين قد أبدعوا في تناول ودراسة هذه المسائل بالدقة والإتقان منذ عهود مبكرة جدًّا في تاريخ الفقه الإسلامي. ويمكن اعتبار هذه الظاهرة دليلًا واضحًا على أن مبدأ الرضا في مجال الالتزامات هو الأساس في التفكير الحقوقي للفقهاء المسلمين بينما نجد أن النظرة الشكلية هي السائدة في التفكير الحقوقي للقانونيين الرومان.

٢- مع أن التعاقد بين الحاضرين تمت بشكل مفصل في كتب الفقه الإسلامي فإنه لم يتم تناول التعاقد بين الغائبين فيها إلا بخطوطه العريضة ومحددًا بظروف وحاجات ذلك الزمن تحت العنوانين (الكتابة) و (الرسالة) خاصة. ونعتقد أن الفقهاء المسلمين لم يواجهوا مواجهة صريحة – كما قال د. السنهوري- واقعة التعاقد بين الغائبين على شكلها المعروف في وقتنا الحاضر. (بيّنّا لماذا لم نشارك رأي د. سوار حينما انتقد كلام د. السنهوري في هذا الموضوع) . ولو كانوا قد واجهوا تطبيقات التعاقد بين الغائبين التي هي وليدة حاجات بيئة تشكل مجالا لعلاقات مكثفة يتم جريانها عن طريق وسائل الاتصال السريعة جدًّا، ولو كانوا قد واجهوا مواجهة صريحة لما كانت حلول هذه التطبيقات في الكتب الفقهية على نحو ما نراه فيها من عدم وجود خلافات جذرية وآراء مختلفة في هذا الموضوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>