للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) النتائج:

١- تكاد تتفق آراء الفقهاء المسلمين على عدم اشتراط وجود طرفي العقد في مكان واحد وعلى جواز التعاقد بين طرفين متباعدين. والحقيقة أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قد جاءا بمبدأ بناء الأحكام على المخابرة بطريقتي (الكتابة) و (الرسالة) (السفارة) ، ولهذا لا يعتبر هذا الموضوع مثارًا للجدل، كما أن الباحثين في مجال الفقه الإسلامي في الوقت الحاضر لا يشعرون بالحاجة –أثناء دراساتهم للعقد- إلى نقاش واسع في جواز أو عدم جواز التعاقد بوسائل الاتصال الحديثة. وأدل شيء على ذلك أن لجنة تعديل مجلة الأحكام العدلية لم تترد في تقرير إضافة مادة إلى هذه المجلة تنص على صحة التعاقد بواسطة التلغراف والتلفون في سنة ١٩٢١.

٢- وإذا وضعنا نصب أعيينا أن معظم الأحكام المتعلقة بانعقاد العقد لم تأت بها النصوص الخاصة بل وتوصل إليها الفقهاء من خلال التحليلات والتقييمات الفقهية أي من خلال الجهود المبذولة من أجل التأكد من وجود الرضا بين الطرفين، فإنه يتبين لنا أن هذه الأحكام التي وردت في الكتب الفقهية - باعتبار معظمها - ليست أحكامًا آمرة (أي من (النظام العام)) بل هي أحكام مكملة أو مفسرة حسب اصطلاح القانون.

إذن، يمكن للطرفين أن يعينا أو يحددا أحكام المسائل المتعلقة بانعقاد العقد (وخاصة بوقت أو مكان انعقاد العقد) . حتى ويمكن القول بأن هذا التعيين المسبق يكون أصلح وأوفق مع مبادئ الفقه الإسلامي من جهة سد باب النزاع والخلاف.

وعلى هذا، يجب ملاحظة الأحكام والنتائج التي سنذكرها فيما يلي بشرط (أن لا يكون الطرفان قد اتفقا على عكس ذلك) .

٣- بيّنّا أن الرأي القائل بأن الإيجاب (تعبير متلقى) وليس (تعبيرًا ملقًى) سواء في التعاقد بين الحاضرين أو في التعاقد بين الغائبين هو الراجح –في نظرنا-. وعلى هذا، فإن الإيجاب لا يتم بمجرد صدوره بل لا بد من توجيهه إلى الطرف المقابل وبعبارة أخرى فإنه يجب إظهار الموجب إرادة تبليغ الإيجاب أي رضاه بالتبيلغ لترتيب الحكم على الإيجاب. (وقد أشرنا إلى الرأي المعارض له الوارد في كتب الشافعية) .

وكذلك أشرنا إلى رجحان الرأي القائل بأن توجيه الإيجاب إلى الجمهور يصح ويترتب الحكم على هذا التوجيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>