للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في [المعجم الكبير: ١٩ / ٩٨، ح ١٩٣] :

حدثنا محمد بن عاصم الأصبهاني، حدثنا عبد الله بن شبيب، حدثنا داود بن عبد الله الجعفري، حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: ((جاءت جارية ترعى غنمًا لي، فأكل الذئب شاة، فضربت وجه الجارية فندمت، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، لو أعلم أنَّها مؤمنة لأعتقتها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للجارية: من أنا؟ قالت: رسول الله، قال: فمن الله؟ قالت: الذي في السماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعتقها فإنَّها مؤمنة)) .

وقال الهيثمي في [مجمع الزوائد: ٤/٢٣٩] :

رواه الطبراني في (الكبير) و (الأوسط) ، وفيه عبد الله بن شبيب، وهو ضعيف (١) .

فإن كان كعب بن مالك هو الذي قصده الرواة بقولهم: (رجلا من الأنصار) أو (رجل أنصاري) ، فهذا يعني أنَّ للحديث أساسًا ثابتًا، وأن ضعف عبد الله بن شبيب يزيح اعتباره اعتضاد الحديث بالأحاديث التي لم يصرح فيها باسم الرجل الأنصاري، بيد أنَّ حديث كعب بن مالك ليس فيه وصف للجارية بأنها أعجمية، ولا وصف لجوابها بأنه إشارة. فهل هي قصة أخرى غير سابقتها؟ وهل هنَّ ثلاث أو أربع قصص كان في بعضها الجواب بالإشارة من أعجمية أو من خرساء، وفي بعض الجواب بالقول إمَّا من أعجمية أجادت العربية وإمَّا من عربية كان سبيها قبل أن تسلم.

مهما يكن، فإنَّ اعتبار جواب التي أجابت بالإشارة أوكد من غيره مما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه دلالة على العمل بالإشارة اعتبار لا نراه متجهًا ولا ندري كيف أخذ به العيني أو ابن المهلب.

ومع أننا نعتمد الإشارة مثل غيرها من وسائل الإفهام غير النطق باعتبارها من أدوات التعاقد، ولذلك سقنا من أحاديث أدوات التعاقد، ولذلك سقنا ما سقناه من أحاديث لها بالإشارة علاقة وثقى، فإنَّنا لا نعتمد حديث الأعجمية أو الخرساء في ذاته لما فيه من اضطراب في المتن والسنَّد وإن كنَّا نستأنس به ونراه عاضدًا أو شاهدًا للأحاديث الأخرى الدالة على عمله صلى الله عليه وسلم بالإشارة، وهذا حسبنا في تأكيد ما نذهب إليه من عدم انفراد التعبير النطقي بكونه الوسيلة الوحيدة للتعاقد. والله أعلم.


(١) انظر ابن عدي في [الكامل: ٤/١٥٧٤، ١٥٧٥] – والذهبي [ميزان الاعتدال: ٢/٤٣٨، ٤٣٩، ترجمة ٤٣٧٦] . وغير هذين من كتب الجرح والتعديل

<<  <  ج: ص:  >  >>