للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا صريح في أن عَمْرًا انفرد بهذه الزيادة فهل هي منه أو من سفيان أو من سعيد؟

أخرج مسلم حديث سعيد هذا من طريقين آخرين عقب رواية عمرو الناقد وليست فيهما أيضًا هذه الزيادة وجميع هذه الطرق وغيرها من طرق هذا الحديث، عن نافع، عن ابن عمرو، وعن أبي هريرة من غير طريق سعيد، وعن عقبة بن عامر ساقها في كتاب النكاح ولم يخرج رواية عمرو الناقد في كتاب البيوع مع الروايات التي نقلناها عنه آنفًا. ومع أن عَمْرًا الناقد كادوا يجمعون على توثيقه [انظر ابن حجر، تهذيب التهذيب: ٨/٧٦، ٧٩، ترجمة ١٥٦] فإن في النقدة من تكلم فيه شيئًا بل إن ابن المديني كذبه في حديث رواه عن ابن عيينة وفي قول أحمد فيه: (يتحرى الصدق) ما يشير أن أحمد ينزهه عن الكذب ولكن لا يبلغ به درجة التوثيق المطلق ولعله كان لفقهه يضيف بعض تأويلاته إلى النصوص التي يرويها.

وقد حمل الالتزام بأصل المذهب بعض اللّغويين إلى أن يتمحَّلوا حتى في تأويل نص لغوي ليكيِّفوه بحيث يتسق مع أصلهم. فقال ابن منظور في [لسان العرب: ٨/٢٤، ٢٥] بعد أن ساق مقولات الشافعي في تأويل حديث (الخيار) وحديث (المساومة) ولفظتي (البيع) (والبيع) وعرض لمقولات مخالفيه:

وقد تأول بعض من يحتج بأبي حنيفة وذويه وقولهم: لا خيار للمتبايعين بعد العقد بأنهما يسمّيان متبايعين وهما متساومان قبل عقدهما البيع، واحتج في ذلك يقول الشماخ في رجل باع قوسًا:

فوافى بها بعض المواسم فانبرى

لها بيع يغلي لها السوم رائز

قال: فسماه بيع وهو سائم، قال الأزهري – وهو لُغوي شافعي، انظر هداية الله الحسيني طبقات الشافعية، ص٩٤-: وهذا وهم وتمويه ويرد ما تأوله هذا الشيخ شيئان أحدهما أنَّ الشَّمَّاخ قال هذا الشعر بعدما انعقد البيع بينهما وتفرَّقا عن مقامهما الذي تبايعا فيه فسماه بيِّعًا بعد ذلك، ولو لم يكونا أتَّما البيع لم يسمِّه بيِّعًا وأراد بالبيِّع الذي اشترى، وهذا لا يكون حجَّة لمن يجعل المساومين بيِّعين ولما ينعقد بينهما البيع والمعنى الثاني أنه يرد تأويله ما في سياق خبر ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يخيّر أحدهما صاحبه فإذا قال له: اختر فقد وجب البيع وإن لم يتفرَّقا)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>