أردت أن أنبه فقط للجنة الصياغة في المستقبل عند بحثها لهذه القضية، قضية العقود بطريقة المراسلة أو طريقة الاتصالات الحديثة، هو ضرورة التأكد من شخصية المتعاقد وهذه المسألة أصبحت اليوم خطيرة، لما يمكن أن يحدث من تزييف في شخصية المرسل بالدرجة الأولى أو المرسل إليه. ولقد جربنا في الأعصر الحديثة الكثير من التزييف في هذه الأمور وأن وسائل الاتصال الحديثة بقدر ما فيها من التيسير والتسهيل هي مواطن للتدليس والخداع أيضًا، إذ يمكن تقليد الأصوات عن طريق الهاتف أو يمكن تقليد الصور أو يمكن تقليد التلكس أو الفاكس أو نحو ذلك، فهذا ينبغي أن يُنَصَّ عليه عند اتخاذ أي قرار في هذه المسألة من باب التحوط.
المسألة الثانية ربما أشرت إليها في جلسة سابقة أرجو أن ينتبه إليها. قال الإمام الذهبي، رحمه الله عليه، في كتابة الموقظة:(واعلم أن مدار حديث الفقهاء إنما يكون على الأحاديث الحسنة والضعيفة) ، وفي رأينا هذا قد يكون من باب التوسع في مناقشة مسائل لم تكن موجودة في عصر النبوة، ويحاول الفقهاء أن يجدوا لها سندًا في الحديث النبوي الشريف وهي وإن كانت من الرأي أو ما إلى ذلك لكنهم يجتهدون في أن يجدوا فيقبلون بعض الأحاديث الضعيفة، الرجاء أن ما يحتج به من الأحاديث ينبغي أن يكون ثابت الصحة ولا سيما إذا بنيت عليه قواعد للاستدلال لأنه لا يجوز أن يكون شيء غير ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يستدل به كأنه شيء ثابت إطلاقًا. وهذا يجعلني أشير إلى طريقة تناول هذه الأحاديث والكتابة فيها وأنا أطالع الأبحاث أجد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لما نبحث عن هذا الحديث نجده ضعيفًا لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، في الأقل في مثل هذه الأمور سلفنا من المحدثين العلماء الأجلاء وضعوا لذلك ينبغي الالتزام بها إثباتًا لأن هذا الحديث غير ثابت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، كأن يقول روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أُسْنِد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ما إلى ذلك من العبارات الدالة على عدم ثبوت الحديث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، لأن القطع بالصدور فيه مجانبة للعقيدة الإسلامية وفيه مجانبة في الوقت نفسه للبحث العلمي الرصين.