لا أرى أن الموضوع الأساسي لهذه المناقشة جدير بالمناقشة الذي يظهر من مختلف الأبحاث ومختلف ما تفضل به حضرات السادة المناقشين أن الكل متفق ولا سبيل لهم إلى الاختلاف على أن التعاقد بالوسائل الحديثة جائز.... ولا مساس مُسَّ به عُمْقٌ من أعماق عقيدتي وأحسُّ بأن كل مسلم لا بد من أن تكون عقيدته قد مُسَّت إن كان قد انتبه إلى هذا الرأي قيل. وذلك لأن أحد الإخوة غفر الله لنا وله، جرأ، من حيث يدري أو لا يدري، ليقول ما معناه لا أساس لخيار المجلس، وهو أمر وردت به أحاديث خرجناها من حوالي ٢٠ طريقًا، رواه كل من ابن عمر وابن مسعود وأبي هريرة، رضي الله عنهم، وغيرهم، والذي دفع الناس إلى مثل هذا القول الذي قد لا يكونون قدَّروا عمقه حق التقدير هو عدم الاعتماد أساسًا على الحديث وعلى القرآن، والاكتفاء بما قاله الفقهاء على اختلاف أعصارهم وبيئاتهم واتجاهاتهم. وما من أحد من المسلمين يسمح بأن يقول عن الحديث وقد ورد في قضية أيًّا كانت بأنه غير موجود أو أنه غير أساسي، وقد اتفق الأئمة الأربعة الذين تواطأ الحاضرون، غفر الله لنا ولهم، على اعتماد مقولات أتباعهم، اتفقوا جميعًا على إيثار الحديث، حتى أبو حنيفة، وهو إمام القياس، كان يقول ما معناه: إذا وجدنا في القرآن شيئًا قبلناه، وإذا وجدنا في الحديث شيئا- وإن كان ضعيفًا – قبلناه، وإذا جاءنا عن الصحابة شيء أخذنا بقول الجمهور. أما اجتهادات النخعي ومن على شاكلته فهم رجال ونحن رجال. وذلك قول جليل من إمام جليل فلماذا نعرض عن هذا الأساس حتى نتجاهل، وإِنْ قَوْلا وعن غير اعتقاد، كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم إني أبرأ من هذا ومن سماعه ومن قبوله. شيء آخر: هذا الذي قيل عن القانون الوضعي أخذ البعض على من لجأ إلى الاستدلال به أو الاستئناس، والواقع أن أصل القانون الوضعي في كثير من مسائله المدنية والجنائية ليس بعيدًا في مآخذه ومصادره عن الفقه الإسلامي أيًّا كان المشرعون من الأوربيين وغيرهم. لكنهم قد يكونون انحرفوا أو حرفوا، فإن رجعنا إليه فإنما رجعنا إلى الاستئناس بشيء قد أخذ منا، هذا جانب. أما الجانب الثاني أن هذه القوانين بحكم طول فترة التعايش والتلاقح مع الدول الاستعمارية صنعت ما يوشك أن يكون أعرافًا ثابتة، وما دمنا نعتبر العرف في العقود فلا سبيل إلى الإعراض عن الاستئناس بهذه القوانين.
فضيلة الشيخ حمد آدم الشيخ عبد الله علي:
أود أن أشير إلى نقطة واحدة في بحث الدكتور وهبة (ص١٠) فيها: (لو وجه أحد العاقدين خطابًا أو برقية إلى آخر أو تلكسًا أو فاكسًا وفيها إيجاب بيع شيء أو بإبرام عقد زواج انعقد العقد بعد وصول البرقية أو الخطاب أو نحوهما) ، وأنا أرى أن عقد الزواج ليس من العقود المالية وهو عقد مكرمات لا يدخل فيها المعاطاة وليس فيها خيار المجلس وأقتراح على المجلس الموقر إبعاد عقود الزواج عن العقود المالية وتركه على ما عليه المسلمون الآن.