للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند اقتراب انقضاء الشهر، فإنه يقرب منها كالملازم لها أحيانا، يطلع صباحا من جهة الشرق قبلها فيغيب قبلها فلا يراه احد في أي بلد وأحيانا ينحسر عنها ويتخلف عنها، فتطلع قبله وتغيب قبله، فمتى بعد عن شعاعها على قدر ما يتمكن من رؤيته الناظرون فإنهم حينئذ يرونه في كل بلد، كما أنه لا يتغير طلوعه في حال قصر الليل ولا طوله، لأن الله سبحانه نصب الهلال ميقاتا لجميع الناس وما كان كذلك فإنه لن يختلف بحال ولا يتغير في محل دون محل، وهذا معني قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون)) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.

وعن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس)) . رواه الترمذي.

والخطاب في هذا لجماعة الناس، فليس منشأ الخلاف بين الناس من مطلع الهلال، وإنما يعود إلى التثبت في الرؤية وعدمها لوقوع الاختلاف من الرائي لا المرئي، فإن الرؤية تختلف باختلاف صفاء الجو وكدره وقوة النظر وضعفه، والاستعداد لمراقبته وقت التحري له من جهة مطلعه وعدم الاستعداد لذلك، ثم التثبت لصحة الرؤية وعدم التثبت فيها، وبهذه الأسباب تختلف الأحوال في المحلات في الحكم برؤية الهلال، وهذا الاختلاف يقع من قديم الزمان بين البلدان المتجاورة كما يقع بين البلدان المتباعدة، وسببه معقول كما ذكرنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>