للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-١-

البورصة (١) ، نشأتها وأعمالها

البورصة: سوق يتم التعامل فيها على سلعة معينة، أو على أوراق مالية، فبورصة القطن يلتقي فيها بائعو القطن ومشتروه، وبورصة الأوراق المالية يلتقي فيها بائعو الأسهم والسندات ومشتروها.

ولا تتمتع السلعة ببورصة خاصة بها، إلا إذا كانت متماثلة الوحدات، معروفة الأوصاف، بحيث يتم بيعها وشرؤاها دون حاجة إلى معاينة، وعلى ذلك فلا توجد بورصة للسيارات، لأنها غير متماثلة الوحدات، ولكن توجد بورصة للقطن أو القمح أو النحاس، لأنها ذات رتب متفق عليها عالميًّا، وهناك بورصة للبضاعة الحاضرة حيث يتم تسليم السلعة وتسلمها بعد عقد الصفقة، وبورصة العقود حيث يكون التعامل على سلعة غير موجودة حاليًا، ولكنها توجد مستقبلا.

وقد عرفها قانون التجارة الفرنسي (مادة ٧١) بأنها مجتمع التجار وأرباب السفن والسماسرة والوكلاء بالعمولة تحت رعاية الحكومة. وهي من النظامات الاقتصادية اللازمة لكل دولة متمدينة إذ هي للتجار، بمثابة مقياس الحرارة ينبئ بالأسعار، ومقدار المطلوب والمعروض، ويمكن بواسطتها جس نبض السوق، والاحتراس من الوقوع في الأزمات.

ويرجع تاريخ نشأة هذه الأسواق إلى الرومان الذين كانوا أول من عرف الأسواق المالية في القرن الخامس قبل الميلاد، وفي العصور الوسطى اعتبرت كل من بروج وأنفير وليون وأمستردام ولندن، من المراكز المالية المهمة حيث قامت فيها (البورصات) إلى جانب الأسواق التجارية، وتم التبادل فيها على السلع والنقود والحوالات وأسهم الشركات التجارية وظهرت أول قائمة لأسعار الأسهم في أنفير ١٥٩٢، وبعدها على التوالي في كل من أمستردام وباريس ولندن، ومنذ بداية القرن السابع عشر كان يجتمع في أمستردام بين الساعة الثانية عشرة والثانية بعد الظهر آلاف المتعاملين لعرض آخر أسعار أسهم شركة الهند الشرقية.

ثم جاء دور باريس كمركز لبيع وشراء الأوراق المالية في القرن التاسع شعر، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر احتلت لندن الدور المالي الأول في العالم، ولكن بين الحربين العالميتين تقلصت أهمية لندن وإن كان ما زال مركز لندن المالي يحتفظ بفعاليته.

ثم نمت وول ستريت، ورغم أن أزمة ١٩٢٩ أثرت على العديد من المصارف والشركات، إلا أن السوق الأمريكية سرعان ما عرفت الثقة والاطمئنان، ثم التوسع نتيجة الدور المتعاظم للدولار الأمريكي، ويشكل حجم التثمير البورصي فيها ٨٥٠ مليون دولار، وهو يمثل ٧ أضعاف التثمير في لندن و ٨ أو ٩ أضعاف التثمير في باريس.

ومما لا ينكر أن هذه السوق ساهمت في نقل اقتصاد الدول الكبرى من المرحلة البدائية والزراعية، إلى المرحلة الصناعية. (٢) .

*

**


(١) اشتقت كلمة (بورصة) من: (أ) فندق في مدينة (بروج) ببجليكا، كانت تزين واجهته شعار عملة عليها ثلاثة أكياس، كان يجتمع فيه عملاء مصرفيون ووسطاء ماليون لتصريف أعمالهم. (ب) أو من أحد صيارفة مدينة (بروج) اسمه – (فان دييربورسيه) كان تجار المدينة يجتمعون في قصره. وكان شعار أسرته ثلاثة أكياس من الذهب. (عمل) شركات الاستثمار الإسلامية: ص٨٩) .
(٢) انظر: الموسوعة العربية: ١/٤٣٠؛ دائرة معارف القرن العشرين: ٢/٣٩٣، بورصة الأوراق المالية: ص٩، عمل شركات الاستثمار: ص٨٩، القاموس الاقتصادي: ص٦٧، ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>