للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-٥-

الحكم الشرعي لهذه العمليات

(أ) العمليات العاجلة:

وهي من حيث الجملة عملية بيع شراء شرعيين، وينطبق عليها من حيث التفصيل الكلام المتقدم في بيع وشراء السندات والأسهم وحصص التأسيس.

(ب) العمليات الآجلة:

١- في الغالب تتم العمليات الآجلة على سلع وهمية- غير موجودة عند البائع - وتكون عمليتا البيع والشراء صوريتين، حيث تباع الأرواق المالية، وتنتقل من يد إلى يد على الورق فقط، دون أن يكون لها وجود فعلي (١) .

فإن كان الأمر كذلك، فهذه المعاملة لا تجوز، لأنها من أنواع بيوع الغرر (٢) . - بيع معدوم-.

قال النووي: بيع المعدوم باطل بالإجماع، ونقل ابن المنذر وغيره إجماع المسلمين على بطلان بيع الثمرة سنتين ونحو ذلك (٣) .

ودليلهم نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر (٤) .، ونهى الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الإنسان ما ليس عنده (٥) .

٢- كما أنه في الغالب أن يبيع المشتري لمشترٍ آخر أوراقه المالية قبل قبضها من البائع وهذا الأمر وإن يجزه جمهور الفقهاء، فقد أجازه المالكية في غير الطعام، ومنعوه في الطعام بشروط (٦) .

٣- فإن سلمت العمليات الآجلة من بيع المعدوم فإنها تحتاج إلى تفصيل فيما يلي:

(أ) العمليات الباتة القطعية:

وهي - كما بينا - تلك العمليات

التي يحدد موعد تنفيذها بموعد ثابت، يسمى موعد التصفية، يلتزم المتعاقدون فيه بدفع الثمن وتسلم الأوراق المالية، إلا أن للمتعاقدين تأجيل موعد التصفية النهائية حتى موعد تصفية لاحق.

والبيع في هذه الصورة صحيح – إن كان في أوراق مالية جائزة التعامل فيها كما بينا سابقًا -، ويملك المشتري المبيع، ويملك البائع الثمن، ويكون ملك المشتري للمبيع بمجرد عقد البيع الصحيح، ولا يتوقف على التقابض، وإن كان للتقابض أثره في الضمان.

جاء في الموسوعة الفقهية:

ولا يمنع من انتقال الملك في المبيع أو الثمن كونهما ديونًا ثابتة في الذمة، إذا لم يكونا من الأعيان، لأن الديون تملك في الذمم، ولو لم تتعين، فإن التعيين أمر زائد عن أصل الملك. فقد يحصل مقارنًا له، وقد يتأخر عنه إلى أن يتم التسليم، كما لو اشترى مقدارًا معلومًا من كمية معينة من الأرز، فإن حصته من تلك الكمية لا تتعين إلا بعد التسليم، وكذلك الثمن في الذمة (٧) .

ويرى المالكية والحنابلة وغيرهم أنه يجوز أن يشترط تأجيل تسليم العين إلى المدة التي يحددها المتعاقدان (٨) ، واستدلوا بحديث جابر – رضي الله عنه – ((أنه كان يسير على جمل قد أعيا، فضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - فسار سيرًا لم يسر مثله، فقال: بعنيه، فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي)) (٩) .


(١) عمل شركات الاستثمار: ص١٨٦، ٢٥٢، دائرة معارف القرن العشرين: ٢/ ٣٩٦، ٣٩٧
(٢) الغرر لغة: الخطر ... واصطلاحا: ما انطوى عنه أره، وخفيت عليه عاقتبه. انظر: المصباح: ص ٤٥٥، المغرب: ٢ / ١٠٠، المجموع المذهب: ١/ ٣٦٠، الكليات: ٣/ ٣١٢
(٣) المجموع: ٩/ ٢٥٨، وانظر: الشرح الكبير: ٤/ ٢٧، الموسوعة: ٩/ ١٤٠، ١٤٥
(٤) رواه مسلم رقم (١٥١٣) ، طبعة فؤاد عبد الباقي
(٥) رواه الترمذي رقم (١٢٣٢) ، طبعة أحمد شاكر، وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد: التلخيص: ٣/ ٥
(٦) انظر: المغني: ٤/ ٢٢٠، الدسوقي: ٣/ ١٥١، الموسوعة: ٩/ ١٢٣
(٧) الموسوعة: ٩/٣٧.
(٨) انظر: الدسوقي: ٣/٦٥، كشاف القناع: ٣/١٩٠.
(٩) وراه الشيخان: اللؤلؤ والمرجان رقم (١٠٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>