وقد انقسم الرأي حول هذه المسألة إلى فريقين:
- فريق يرى أنه طالما كانت أغراض الشركة مشروعة من الأساس مثل شركات التجارة في المواد الحلال وشركات الصناعة كالأسمنت ومصافي النفط ومصانع السيارات وغيرها، فإن امتلاك الأسهم في مثل هذه الشركات جائز وربحها مقبول رغم أن هناك من اشتراط إخراج الجزء من الكسب الحرام إذا أمكن معرفته بالحساب. إما إذا كان غرض الشركة غير جائز أصلا مثل شركات الإقراض بالربا ومصانع الخمور وتسمين الخنزير فإنه لا يجوز شراء أسهم هذه الشركات ولا أخذ الأرباح منها بطبيعة الحال.
- أما الفريق الثاني فلم يميز بين العمل والغرض واعتبر كل مخالفة شبهة توجب الابتعاد مهما كانت الأسباب.
وهناك من ربط المسألة بالغلبة أي بمعنى أنه إذا كان الغالب على الأموال المستعملة في الشركة من أموال المساهمين فإنها تجوز وأما إذا كان الغالب من أموال الاقتراض بالربا، فإن المساهمة في مثل تلك الشركات لا يجوز.
والذي يظهر لنا أن الأحكام المتسرعة في مثل هذه الأمور لا تعود بالمنفعة على المجتمع الإسلامي، حيث لو سلمنا برأي من يقول بالابتعاد عن كل شركة مساهمة فيها شبهة من قريب أو بعيد لكان مؤدى ذلك أن ينسحب المسلمون من الحياة الاقتصادية في المجتمع لينفرد غير الملتزمين بالإسلام بإدارة الدفة الاقتصادية للبلاد دون وازع ولا ضابط ولا انقياد.
وقد كان الأولى أن تتكاثر أسهم الإسلاميين بالفكر والالتزام لكي يفرضوا على مجالس الإدارة من خلال سلطة الانتخاب أن تلتزم الشركة في التعامل بالطرق الحلال كما حدث لدى العديد من الشركات في أكثر من بلد إسلامي خاصة عندما وجدت البنوك الإسلامية.
(ب) توزين المسألة بالنسبة لسند القرض:
لما كانت فكرة السندات مبنية على الاقتراض غير الحسن أي الاقتراض بمقابل فليس هناك مجال من تصحيح المسار الذي نشأ على الاعوجاج من الأساس.
لذلك فإن وضوح المسألة يعفينا من الشرح الزائد من بداية الطريق.
وإن ما يقال عن سندات التنمية والإعمار وكذلك ما يستدرج إليه البعض من أهل العلم الذين ينظرون إلى ترجيح المصلحة المتوهمة التي تطرحها الأفهام القاصرة عند بعض المروجين لشهادات الاستثمار زعما بأن ما يوزع من فوائد إنما يمثل جزءا من عائد المشروعات غير المخصوصة بالبيان، لا يقوم على أساس.
فإن كل ذلك الكلام المبني على حيل أشبه بالصور التلفزيونية المتداخلة لا يجوز أن يكون محلا لإصدار الحكم الشرعي. فالسندات التنموية وشهادات الاستثمار هي أدوات اقتراض تدفع الخزينة عوائدها للمستثمرين.
وإن معنى قيام الخزينة بدفع العوائد أو الفوائد إنما يعني أن الدولة تقتطع هذه الأموال من دخل المواطنين بصورة ضرائب ليكون في ذلك أسوأ تحوير لإعادة توزيع الثروة في المجتمع حين يأخذ المستثمر الذي لا يعمل نصيبا من جهد العامل الذي لا يملك.