للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الرابع

مجالات تطبيق الأدوات المالية

في عقود المعاملات الشرعية

يدخل تطبيق الأدوات المالية في معظم عقود المعاملات الشرعية وذلك عندما يتطور استعمال هذه العقود من الصورة الفردية إلى الصورة الجماعية.

ويتضح ذلك من استعراض العقود التالية المأخوذة على سبيل المثال وليس الحصر:

١- عقد المضاربة:

المضاربة نوع من الشركة وهي تقوم على دفع المال من شخص لمن يتجر به والربح بينهما على ما شرطاه (١) .

وتعتبر المضاربة من أوسع أبواب العقود المالية باعتبارها تقوم على أساس إعطاء المال لمن يعمل فيه مقابل حصة من الربح المتحصل من ذلك العمل.

فالمضاربة تقوم أساسا على مفهوم تلاقي رأس المال مع جهد الإنسان لتحقيق عمل مربح.

وكما أن رأس المال يمكن أن يقدمه فرد أو عدد محدود من الناس الراغبين في الاستثمار، فإنه من الممكن كذلك أن يكون رأس المال مقسما على هيئة حصص أو أسهم أو صكوك أو سندات امتلاك إلى غير ذلك من أشكال أو مسميات.

وبما أن رأس المال في المضاربة يتحول من الصورة النقدية إلى صورة الموجودات المختلطة من النقود والديون والأعيان تماما كما هو الحال في تحول رأس المال في الشركات المساهمة، فإن تداول الأجزاء التي ينقسم إليها رأس مال المضاربة بالبيع والشراء أمر ممكن.

صحيح أن الباحث يقرر من باب الأمانة في العرض أنه لم يقع على حالة من الحالات التي تعرض فيها الفقهاء لمسألة شراء رأس المال في المضاربة القائمة ولكن فلسفة الفقه الإسلامي بالمنظور الذي أحل فيه الله البيع وحرم الربا يمكن أن يشمل الكلام أي بيع ليس فيه ما يخالف الشرع.

وأن رأس مال المضاربة الذي يكون مالا مختلطا من النقود والديون والأعيان يمكن أن يكون محلا للبيع بنفس المنطق الذي أجاز فيه الفقهاء مسالة المخارجة في التركة وهي نوع من البيع أو المصالحة القائمة على المعاوضة عن مال بمال.


(١) هذا ما يراه الأحناف في عمل المضاربة ولكن الباحث المدقق يرى أن شركة المضاربة تشمل سائر وجوه النشاط التجاري والصناعي وحتى الاستثمار الزراعي، ويعتبر مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أنه قد بلغ القمة في توسيع مفهوم شركة المضاربة ومبناها وكذلك العمل الذي تشمله مما ينفى عنها صفة الحصر في الاتجار فقط. (للمزيد من التوسع في ذلك – انظر: سامي حمود – تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق والشريعة الإسلامية، الطبعة الثانية، الصفحات ٣٧٥-٣٨١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>