ويشمل ذلك جميع عقود المشاركة الشبيهة بالمضاربة مما لا يكون لصاحب رأس المال أثر شخصي في الرضا بالعقد. فلا يستقيم الأمر مثلا في شركة العنان حيث يكون كل من الشريكين مفوضا بالتصرف ووكيلا عن الآخر فيه.
ولكن المشاركة التمويلية أمر آخر فمن يقدم رأس المال اللازم مثلا لإقامة مشروع معين أو إنشاء بناء على أرض مملوكة للأوقاف يكون فيه الأمر خارجا عن الاعتبار الشخصي لصاحب رأس المال. فلو قدمه زيد أو عبيد يكون الأمر سيان. لذلك فإن تداول حصص المشاركة التمويلية بصورة أدوات مالية يكون جائزا ومقبولا.
٣- عقد السلم:
عقد السلم هو من عقود التيسير التي أقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة من أول عهد الهجرة وهو عقد على شيء – يصح بيعه – موصوف في الذمة مؤجل بثمن متعلق بثمن مقبوض (١) .
ويقوم هذا العقد على أساس الدفع المقدم للثمن المطلوب فيما يجوز فيه السلم من المكيل أو الموزون أو المعدود المثلى مما يكون محلا للإنتاج حالا أو في المستقبل المعلوم.
وكما يجوز أن يكون رأس مال السلم مدفوعا من شخص واحد أو عدة أشخاص مشتركين في التمويل، فإنه يجوز أن يكون رأس المال مقسما إلى أجزاء موزعة على عدد كبير من المالكين.
وإن عقد السلم يمثل بابا من أبواب التطوير المناسب لإنشاء الأدوات المالية الإسلامية وبخاصة في مجال تخطيط الربح المحسوب على أساس التوقع المنظور.
إن مفهوم تعليق الربح بالاتكال على الله على ما يرزق به لا يتنافى مع التخطيط لتحقيق الربح المتوقع بعد الاتكال على الله.
فإذا كان المسلم (أي صاحب رأس المال في عملية السلم) قد تعاقد على شراء طن القمح بسعر مائة وعشرين دينارا لتسلمه في الأردن مثلا في شهر مايو (أيار) وذلك في الوقت الذي يعلم فيه من السوابق والظروف أن السعر سوف يكون في ذلك الوقت بحدود مائة وأربعين دينارا، فإن هذا التوقع المحسوب للأرباح لا يتنافى مع إمكان التخطيط لتداول الحصص الداخلة في السلم على أساس البيع الموازي.
(١) البهوتي: كشاف القناع عن متن الإقناع (بيروت – عالم الكتب الجزء الثالث صفحة ٢٨٨) .