هذه الورقة قد تكون طويلة الأجل؛ أي لمدة خمس سنوات مثلا، وقد تكون قصيرة الأجل؛ لمدة سنة مثلا، وقد تكون متوسطة الأجل؛ أي لمدة ثلاث سنوات مثلا، وطول الأجل وقصره نسبي، كما ذكرنا.
والشريعة الإسلامية تجيز إصدار أوراق مالية محددة المدة طويلة أو قصيرة أو متوسطة، بناء على رأي القائلين – بجواز تحديد المضاربة بمدة معينة – من الفقهاء، ذلك أن الورقة تمثل حصة المالية التي يقدمها المكتتب بوصفه رب مال، إلى المصدر للورقة بوصفه مضاربا، وهو يقدم هذه الحصة لاستثمارها، لمدة محددة، وطالب التمويل وهو البنك المصدر للورقة، يوجه إيجابا إلى الجمهور، في شكل نشرة إصدار، يطلب منهم الاكتتاب في هذه الورقة، على أن تستثمر حصيلتها لمدد محددة، وهذا الإيجاب قد صادف قبولا من أصحاب المدخرات، يتمثل في إقبالهم على الاكتتاب، وتقديمهم للمال، فتنعقد المضاربة صحيحة، لازمة لمدة الورقة المالية.
ولمالكي الأوراق المالية محددة الأجل أن يحتفظوا بأوراقهم المدة المحددة، ولهم أن ينقلوا ملكيتها إلى الغير في سوق الأوراق المالية، ويحل المالك الجديد محل المالك القديم في كافة حقوقه، وليس لهم إلزام البنك مصدر الورقة بشرائها، قبل انتهاء مدتها؛ لأن المضاربة المقيدة بمدة تلزم رب المال البقاء عليها طوال هذه المدة. أما بعد انتهاء المدة، فإن على البنك مصدر الورقة أن يقبل شراءها بالسعر السائد وقت تقديمها، لأن المضاربة تنتهي بمدتها ويلتزم المضارب بنض المال وتسليم رأس المال لصاحبه، مع ما قد يتحقق من الأرباح. وواضح أن للبنك المصدر في جميع الأحوال أن يعلن، باختياره، تعهده بشراء ما قد يعرض عليه من أوراق أصدرها أيا كان أجلها، وذلك بالسعر السائد وقت الإصدار، ويمكن تحديد هذا السعر وفقا لمبدأ السعر العادل، الذي تكلم عليه الفقهاء. فإذا صدر منه هذا الإعلان كان ملتزما به، بناء على قاعدة وجوب بقاء الموجب على إيجابه، المدة التي يحددها في هذا الإيجاب، وهذه المدة قد تكون ثلاثة أيام أو عشرة، وقد تكون شهرا ينتهي التزامه بعدها، حتى يوجه إعلانا آخر.
وهذا النوع من الأوراق المالية قد يصدر بقصد استثمار حصيلته في نشاط معين كالنشاط التجاري والاستثمار العقاري، وأعمال المقاولات، والإنتاج الحيواني واستصلاح الأراضي، وقد يصدر بقصد المشاركة بحصيلته في جميع أنشطة البنك المصدر ومشروعاته الاستثمارية، دون التقيد بمشروع معين، أو نشاط خاص.
أما المشروع الخاص فلا يمكن تمويله بهذا النوع من الأوراق المالية، لاحتمال الاختلاف بين مدة الشهادة والمدة اللازمة لتصفية المشروع، والمضاربة إما أن تقيد بوقت معين، أو بعمل أو مشروع معين، أما الجمع بينهما فمتعذر للتنافي بين أحكامهما، كالشأن في عقد الإجارة مثلا، فإن العمل فيها إما أن يحدد بالمدة أو بعمل معين. على أنه إذا أمكن تحديد مدة تنفيذ المشروع المعين بدقة؛ بأن كانت طبيعته تسمح بذلك فإنه يجوز أن تكون الورقة المالية التي تصدر لتمويله محددة المدة؛ لعدم احتمال التنافي بين أجل الورقة، وتصفية المشروع.
ويمكن توزيع الأرباح الناتجة عن النشاط المعين، أو عن مجموع أنشطة البنك واستثماراته على حملة الأوراق المالية، في فترات دورية، كل سنة، أو أقل، أو أكثر، إذا أمكن إعداد ميزانية أرباح وخسائر في هذه الفترات، لأن التوزيع يعتمد من الناحية الشرعية على العلم بالأرباح، بالطرق المحاسبية المتاحة، وهذا لا يتأتى بدون إعداد ميزانية تظهر هذا الربح.