ومن تلك الحواجز وفورات الحجم الكبير التي تتمتع بها بيوت الإصدار الضخمة (نتيجة لنفقاتها الثابتة في بعض المجالات مثل البحوث الاقتصادية وتطوير النظم وغيرها، وما تتمتع به من أسعار خاصة فيما يتعلق بتجهيزات الاتصالات – واستئجارها لبعض خطوط الاتصال وحصولها على أسعار مخفضة من وكالة رويتر وتليريت، وقدرتها على اجتذاب مديرين أكفاء يريدون تكريس حياتهم العملية لهذا النوع من النشاط...إلخ) . فضلا عن قدرتها على تخصيص موارد مالية كبيرة وموقفها القوي في التفاوض مع كل من المستثمرين والمقترضين نظرا لإمكانياتها الضخمة في مجال تجميع الأموال وتوظيفها.
وثمة حواجز أخرى تفرضها السياسات الحكومية لحماية بعض المشاركين في الأسواق والتي قد تؤدي إلى الإضرار بسائر المشاركين، مثل فرض ضرائب من المنبع أو غير ذلك من الرسوم. بيد أن عمليات سوق المال الأوربية قد قللت كثيرا من تأثير تلك الحواجز.
٢-٨ التحليل:
يعتبر العائد الذي يحصل عليه المستثمر من أهم القوى المحركة للأسواق المالية. فالسوق المالية إنما تقوم على توافر أموال المدخرين الذين يقل استهلاكهم عن حجم التدفقات النقدية التي تحت تصرفهم، واستخدام هذه الأموال بواسطة مستخدمي تلك الأموال الذين تفوق احتياجاتهم المالية حجم التدفقات النقدية التي تصلح، أي أن المدخر يريد التضحية بالاستهلاك العاجل في سبيل الحصول على مبلغ أكبر للاستهلاك الآجل.
وربما كان المدخر لا يحتاج إلى هذه الأموال إلا في المستقبل، ويلعب مستوى العائد دورا هاما في تخصيص تلك الأموال المتاحة على أساس تنافسي. ومن هنا يعتبر سعر الفائدة أو مقدار العائد المحرك الأول لتخصيص الأموال للاستثمار. فالمدخر يطلب أن يرد إليه في المستقبل مبلغ أكبر في مقابل السماح باستخدام أمواله في الحاضر.
والواقع أن المبلغ الأكبر إنما يمثل القيمة الزمنية للنقود والمخاطرة التي يتحملها المدخر عندما يترك ماله لغيره وتناقص القوة الشرائية للنقود إلى حين استردادها. وقد تزايدت أهمية هذا العامل مؤخرا نتيجة لارتفاع مستويات التضخم في عدد من الدول الصناعية الكبرى بعد الأزمة النفطية التي شهدتها في منتصف السبعينات. وكان من نتيجة ذلك تزايد أهمية مفهوم معدل العائد في جوهره المعدل الاسمي (سعر الفائدة) مع تعديله مراعاةً لمعدل التضخم. فإذا كان معدل التضخم ٥ % والمعدل الاسمي لعائد استثمار معين ٧ % بلغ معدل العائد الحقيقي ٢ % ومن هنا فإن معدل العائد الحقيقي يعطي صورة أكثر واقعية للزيادة في القوة الشرائية للمدخرات.
بيد أن دور الأسواق المالية لا يقتصر على توزيع الموارد المالية بين الأطراف المختلفة التي تتنافس على الحصول عليها. بل إنها تساعد أيضا على تنويع المخاطر من وجهة نظر المستثمر.
ويتحقق هذا التوزيع نتيجة للاتساع الجغرافي لتلك الأسواق، وتعاملها مع عدد كبير من الصناعات والشركات والمقترضين الحكوميين، والقطاعات الأخرى.