يتضح من الأبواب السابقة مدى أهمية الدور الذي تقوم به المؤسسات المالية في تطوير السوق. وفي عالمنا الراهن حيث لا يمكن للمؤسسات التجارية أن تستمر في العمل في معزل عن غيرها وفي وسط احتدام المنافسة يعني هذا أن البقاء للأصلح ومن ثم فإنه من الممكن بالنسبة للمؤسسات المالية الإسلامية أن تواصل المحافظة على الزخم الذي حققته حركتها خلال العقدين الماضيين والعمل بأسلوب جديد من أجل مواجهة الضغوط التنافسية التي تفرضها عليها الأسواق المالية التقليدية ويكون ذلك فقط عن طريق تطوير سوق مالية إسلامية تدار بكفاءة باستخدام أدوات أعدت وصممت بطرق جيدة.
وتوجد لدى المؤسسات المالية الإسلامية أدوات يمكن لها عن طريقها خلق سندات قابلة للتداول. وباستخدام آلية (سوق المعاملات الأوربية) فإن هذه الأدوات يمكن أن تدرج في أية بورصات تقبل إدراج (إصدارات السندات الأوربية) ولأغراض المقاصة فإنه يمكن الاستفادة من خدمات مؤسسات مثل يوروكلير أوسيديل.
هذا ويمكن تصنيف الخدمات المقدمة من المؤسسات المالية الإسلامية على الصعيد الدولي بشكل عام إلى مجالين – تمويل الخدمات المقدمة إلى العملاء الذين وطدت علاقة العمل معهم عن طريق تقديم الأموال إليهم بشكل أو بآخر وتقديم الخدمات الاستثمارية إلى المستثمرين الذين توجد لديهم أموال الاستثمار في الفرص المقبولة إسلاميا. ونوضح فيما يلي هذين النوعين من الخدمات بالتفصيل:
٦ -١ أدوات التمويل الإسلامية:
تلعب المؤسسات المالية دور الوسيط مثلها في ذلك مثل المؤسسات التقليدية الأخرى. فمن ناحية فإنها تقدم تسهيلات التمويل إلى عملائها – المؤسسات والأفراد – ومن ناحية أخرى فإنها تجتذب الأموال من المستثمرين الذين تتوفر لديهم أموال فائضة للاستثمار. والدور الذي تقوم به المؤسسات يتمثل في توجيه هذه المدخرات إلى وسائل التمويل المسموح بها بموجب الشريعة الإسلامية والتي يجب أيضا أن تفي بالمعايير الاستثمارية للمستثمرين. من أجل تلبية متطلبات التمويل لعملائها في السوق الدولية فإن المؤسسات المالية الإسلامية كانت قد استخدمت أدوات التمويل التالية:
٦-١-١ المرابحة والتسهيلات الأخرى ذات العلاقة بالتجارة:
من البديهي أن الله سبحانه وتعالى قد حرم الربا في قرآنه الكريم وفي نفس الوقت فقد أحل التجارة وطلب من المؤمنين ضرورة التفرقة بينهما. وتنطوي المرابحة أساسا على تقديم التسهيلات إلى أحد العملاء للحصول على البضاعة لأغراض المتاجرة و/أو الاستهلاك مع السماح له بسداد مقابلها بما في ذلك الربح إلى المؤسسة المالية التي تقدم التمويل في المستقبل حسب الجدول الزمني المتفق عليه. ويقوم البنك بهذه العملية بالضرورة لامتلاك البضاعة أولا (تنتقل ملكية هذه البضاعة إلى البنك) ثم يقوم البنك ببيع هذه البضاعة إلى العميل.