وبالتالي فإن تطوير الأوراق المالية القابلة للتداول سوف يساعد المؤسسات الإسلامية في اكتساب سيولة أفضل على مستوى عملياتها في الأسواق المالية بالإضافة إلى الاستفادة من الأوراق المالية القابلة للتداول بالنسبة للمخاطر المقبولة لكي تفي بالمتطلبات الأخرى.
٥-٣ العملية التطويرية للخدمات المالية الإسلامية:
- المرحلة التمهيدية:
٥-٣-١ خلق العوامل التي تدعو إلى الثقة: أخذت البنوك الإسلامية والمؤسسات الاستثمارية التي نشطت في التعامل في أموال واستثمارات المسلمين الراغبين في الابتعاد عن الأدوات الاستثمارية الربوية تعمل على تطوير أدواتها التي حرصت على أن تكون خالية تماما من عنصر الفائدة وأن تؤمن أيضا تقديم عائدات أكبر بعد أن تضع في اعتبارها معدلات المخاطر بالنسبة إلى الربح. مع هذا فنظرا لأن هذه المؤسسات لا تقدم ضمانا حتى للمحافظة على رأس المال ناهيك عن أي عائد على هذه الاستثمارات فإن دخولها مجال المعاملات المالية لم يكن يسيرا من حيث وضعها التنافسي في مواجهة المؤسسات المالية التقليدية على أساس اعتبارات السلامة.
وبالنسبة للمسلم الحريص على اتباع تعاليم الدين الحنيف فإن اهتمامه الأول ينصب على تفادي المعاملات الربوية. مع هذا فإن هذا الحرص لا يعني أن يعرض نفسه لمخاطر لا داعي لها لا سيما وأن اختيار الاحتفاظ بالأموال على شكل مبالغ نقدية في الحسابات الجارية متوفر دائما. وبالتالي ومن وجهة النظر التنافسية العامة فإنه تعين على المؤسسات المالية الإسلامية أن تخلق أسبابا تدعو إلى الوثوق بها حتى قبل أن يبدي المسلم الذي يتبع مبادئ الشريعة اهتماما بإعطاء مدخراته التي كسبها في حياته بصعوبة إلى هذه المؤسسات لإدارتها.
وقد شهد القطاعات المالية في جميع الاقتصاديات الغربية المتقدمة تغيرات هائلة خلال العقد الماضي. وبينما كانت هناك العديد من حالات الإفصاح عن المعلومات عن معاملات ومصالح الوسطاء كما أمكن تحقيق درجة كبيرة من العالمية الشاملة فقد زادت الجهود للحفاظ عليها وحماية حقوق المستثمرين. وفي ظل هذه الظروف فقد تعرضت البنوك الإسلامية لضغوط متزايدة لخلق العوامل القوية التي تدعو إلى الثقة وإعطاء (شعور ضمني بالأمان) للمستثمرين على أساس الخبرة السابقة بالنظر إلى عدم وجود التزام كتابي وتعاقدي لتقديم الضمان للأموال المستثمرة.
٥-٣-٢ الاستراتيجية الاستثمارية المبدئية: إن الحاجة إلى خلق العوامل التي تدعو إلى الثقة في البنوك الإسلامية تفرض عليها ضرورة اتباع الاستراتيجيات الإسلامية الحريصة وانتهاج السياسات الحكيمة في استغلال أموال المستثمرين وقد توجه اهتمام خاص للمحافظة على نسبة عالية من السيولة من أجل المحافظة على ثقة المستثمرين في جميع الظروف حتى إذا أرادوا سحب أموالهم قبل مواعيد الاستحقاق. ومن الواضح أن هذا الأسلوب قد حقق نتائج طيبة في دعم ثقة المستثمرين بالمؤسسات المالية الإسلامية. مع هذا فقد أمكن تحقيق هذا على حساب تقديم عائدات صافية إلى المستثمرين خاصة وأنها قد كانت عائدات متواضعة نسبيا بالمقارنة بالودائع المصرفية العادية.
٥-٣-٣ التطورات الأخيرة: انتقلت المؤسسات الإسلامية المالية في الآونة الأخيرة إلى المرحلة الثانية في نشاطاتها الاستثمارية بعد خلق عوامل الثقة المثيرة للإعجاب بتوفير السلامة والأمان وبالمحافظة على أموال المستثمرين خاصة مع عدم وجود أي التزام تعاقدي بالقيام بذلك. وقد اكتسبت عوامل الثقة هذه مزيدا من الأهمية وأصبحت ملموسة أكثر بالنظر إلى تجارب العديد من المؤسسات الاستثمارية التقليدية التي عانت كثيرا نتيجة (لانهيار بورصة الأوراق المالية في أكتوبر ١٩٨٧م) والتقلبات الأخرى في بعض الأسواق المالية الدولية.
٥-٤ المرحلة الثانية للتطوير:
ينطوي الانتقال إلى المرحلة الثانية في نشاطاتها الاستثمارية أن تتجه المؤسسات الإسلامية إلى الجمع ما بين حاجتها إلى تقديم فرص استثمارية مأمونة ومضمونة مع فترات استحقاق أطول نسبيا. ويعني هذا أن عامل السلامة سوف يظل في صدارة الاعتبارات لكن العائد سوف يتحسن بدرجة هائلة على حساب قدر معين من السيولة وبالتالي سوف يصبح أداء هذه المؤسسات تنافسيا أكثر من المؤسسات المالية التقليدية الأخرى.