لقد اكتسبت المؤسسات المالية الإسلامية قوة دفع لا يستهان بها خلال فترة قصيرة من الزمن. ولا شك أن البلدان الإسلامية هي السوق الطبيعية لتلك المؤسسات. بيد أن هذا الاعتبار لا ينبغي أن يؤدي إلى اقتصار نشاطها على تلك البلدان دون غيرها.
ولقد اتسعت الأسواق المعاصرة حتى تجاوزت الحدود المحلية بعد أن انتشر مفهوم (سوق المال الأوربية) . ويعتمد نمو هذه الأسواق على التجديد وكفاءة الخدمات والاستجابة لاحتياجات المتعاملين في تلك الأسواق، وسرعة الاتصالات وتوافر أكبر قدر من المعلومات للمشتركين في السوق مما يزيل أوجه قصور السوق التي تستفيد منها قلة من المتعاملين. ويخضع السوق لقلة العرض والطلب، وكل هذه السمات تتفق مع البنية التي ينبغي أن تكون عليها السوق المالية القائمة على مبادئ الإسلام.
وسيكون على المؤسسات الإسلامية فيما تحافظ على قوة الدفع التي اكتسبتها، أن توسع أنشطتها على غرار ما يحدث في الأسواق المالية المعاصرة. ويقتضي ذلك منها أن تستحدث (منتجات) جديدة موافقة لأحكام الشريعة وتعمل على استحداث أدوات مالية يسهل تسويقها عن طريق تقسيم الاستثمارات المالية إلى وحدات وإدراجها في التسعيرة الرسمية للبورصات، سواء في ذلك الاستثمارات التي تديرها تلك المؤسسات أو الأموال الإضافية التي تجمعها بناء على معاملات حقيقية تدعمها استثمارات عقارية تدر دخلا منتظما، بالإضافة إلى أسهم الشركات ذات الهياكل الإسلامية، وعمليات التمويل بنظام المرابحة والمشاركات والتأجير ... إلخ.
ومما لا شك فيه أن استبعاد الأدوات المالية التي تنطوي على عنصر الفائدة يقلل من عدد الأدوات التي يمكن للبنوك الإسلامية المشاركة فيها في الأسواق المالية، بيد أنه لا ينبغي أن يغرب عن البال أن هذا هو أحد الاعتبارات التي تميز المؤسسات المالية الإسلامية عن المؤسسات المالية التقليدية، ولذا فإن التحدي الرئيسي الذي يتعين على المؤسسات المالية الإسلامية أن تتصدى له هو استحداث أدوات مالية تمكنها من تبوء المكانة اللائقة بها في هذه الأسواق.
إن المؤسسات المالية الإسلامية لا تزال في المراحل الأولى من حياتها، على خلاف المؤسسات التقليدية. وقد وصلت المؤسسات التقليدية إلى حالتها الراهنة بعد تطور استمر قرونا طويلة واعتمدت على الابتكار في تلبية متطلبات العملاء.