ولهذا الغرض أنفقت هذه المؤسسات التقليدية مبالغ طائلة من المال على البحوث والتطوير. هذا بينما نشأت حركة البنوك الإسلامية وحدها في وسط ظروف تشهد منافسة شديدة، ويعتمد بقاؤها في الأغلب على المحافظة على ثقة المستثمرين، وتتطلب هذه الثقة بعد الحصول على الدعم من المستثمرين من المؤسسات المالية أن تحصل أموال المستثمرين على عائدات طيبة ومجزية. ويتطلب هذا بدوره القيام بالبحوث في التعرف على الأدوات التي لا تقدم فقط معدلا مقبولا من المخاطر لكن يجب أيضا أن تتمشى مع أحكام الشريعة الإسلامية. ولهذا الغاية فإنه يتعين على المؤسسات الإسلامية أن تخصص الموارد اللازمة للاستعانة بالخبراء الذين تتوفر لديهم الدراية والمعرفة بالأسواق المالية والمخلصين لقضية الخدمة المصرفية والمالية الإسلامية وإنفاق الوقت والجهد في إجراء البحوث وتطوير الأدوات الجديدة.
وكان للسلطات النقدية الحكومية والبنوك المركزية دور حيوي في ذلك التطور من خلال التوجيه والدعم وتوفير الموارد لتلك البنوك. وما زالت المؤسسات الإسلامية بحاجة إلى دعم السلطات المختصة لا سيما وأن حركتها ما زال يتوجب عليها أن تطور البنية الأساسية الضرورية للعمل مثل إقامة سوق للمعاملات ما بين البنوك بالاعتماد على نظام يخلو من تقاضي الفائدة، ولهذا الغرض فإن دعم البنوك المركزية في البلدان الإسلامية هو أمر حتمي ولا غنى عنه. وإن استمرار التنسيق ما بين البنوك الإسلامية والبنوك المركزية في البلاد الإسلامية عن طريق اجتماعات هيئة من الخبراء قد أتاح الفرصة لإقامة الحوار وإجراء البحوث المتعلقة بالمسائل الجوهرية وهذا بدوره من شأنه توفير دعم قيم للنظام المالي الإسلامي. وفي الاجتماع الأخير الذي عقد في شهر مارس ١٩٨٩م في أبو ظبي اتخذت قرارات بالغة الأهمية سوف يتبين جدواها وفاعليتها بالنسبة لحركة التمويل الإسلامي وذلك عند تنفيذ هذه القرارات. وتشمل هذه وضع الأنظمة المناسبة لإشراف البنوك المركزية على البنوك الإسلامية وزيادة التعاون ما بين البنوك الإسلامية والبنوك المركزية وتطوير أدوات السيولة التي تكون مقبولة للبنوك المركزية للوفاء بمتطلبات السيولة اللازمة.
ورغم أن حل تلك المشكلات لن يتسنى بين يوم وليلة، فإن الوعي المتزايد من جانب المؤسسات الإسلامية بالمشكلات العملية التي تعرقل مسيرتها، واهتمامها بإيجاد حلول لتلك المشكلات سوف يفتح أمامها سبلا وآفاقا جديدة لدعم قضية الأسواق الإسلامية، والاشتراك في عدد من الأدوات المالية التي تتداول في الأسواق التقليدية.
وينبغي للمؤسسات المالية الإسلامية، في سبيل بلوغ الأهداف السابق بيانها أن تبذل جهودا متضافرة في مجال البحث المكثف الذي يرمي إلى تصميم أدوات مالية مقبولة والاستعانة بالخبراء المخلصين الذين يهتمون اهتماما صادقا بالدعوة إلى قيام أسواق مالية إسلامية والذين يتوفر لديهم في الوقت ذاته المعرفة بدقائق الأسواق التقليدية وعملياتها. كما ينبغي لتلك المؤسسات أيضا أن توحد جهودها للتأثير على البنوك المركزية في العالم الإسلامي لحثها في معاونة المؤسسات المالية الإسلامية على إنشاء سوق للتعامل فيما بينها بدعم من تلك البنوك.
وما اكتسبته المؤسسات المالية الإسلامية من خبرة خلال العقد الماضي ما هو إلا المرحلة الأولى فقط في عملية تطويرها. ويسير القطاع المالي بخطى سريعة جدا من حيث تصميم الأدوات المالية للوفاء بمتطلبات العملاء. ويتوجب على المؤسسات المالية الإسلامية أن تسير بنفس الخطى السريعة للمحافظة على قوة الدفع التي حققتها في الماضي.