مثال: شركة التليفون والتلغراف الأمريكية (AT&T) أصدرت تعهدات عملة أجنبية بقيمة ٣ ملايين دولار تعطي حاملها الحق في الحصول على ٥٠ دولارا بسعر ١٥٨.٢٥ ينا يابانيا للدولار. وليس للشهادة أية قيمة إلا إذا تخطى سعر الصرف بين الين والدولار ١٥٨.٢٥ خلال مدة الشهادة وهي خمس سنوات. فإذا ارتفع السعر إلى ١٦٨.٢٥ مثلا يصبح قيمة الشهادة ٢.٩٧ دولار (أي: أنها ستحقق ربحا مقداره ٥٠٠ ين في كل شهادة)(١) . ومن ثم يحقق حامل التعهد المذكور الربح إذا تغير السعر بالطريقة التي يتوقع.
٥-د-٣ الخيارات التي يصدرها السماسرة والمتعاملون في السوق تعليق: الخيار مشتق من الاختيار، وهو طلب خير الأمرين. وهو يعني في المفهوم الفقهي أن يكون لأحد العاقدين أو لكليهما حق إمضاء العقد أو فسخه، وحكمته، الوصول إلى كمال الرضا، لأن العقود مبناها رضا المتعاقدين لقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} الآية وقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما البيع عن تراض)) . وقد يبدو الخيار مخالفا لمقتضى عقد البيع، لأنه عقد لازم. ولكنه ثابت في السنة فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لحبان بن منقذ الذي كان يغبن في البياعات:((إذا بايعت فقل لا خلابة، ولي الخيار ثلاثة أيام)) ، وعنه صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري:((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.. الحديث)) ، ويثبت الخيار لأحد العاقدين أو كلاهما، وفي ثبوته لغيرهما خلاف ومن قال بجوازه (وفي رواية لمالك في تهذيب الفروق وأحمد في كشاف القناع والشافعي في نهاية المحتاج ذكره علي الخفيف في أحكام المعاملات ص ٤٠١) استبقاه للعاقد، فيكون لمن شرط له ولمن اشترطه وإن لم يجعله لنفسه، فليس فيه إذا إثبات لبعض آثار العقد لغير عاقده وإنما أشبه في ذلك الوكالة وهو من باب الإنابة الجائزة.
وفي مدة الخيار خلاف، فقد ذهب أبو حنيفة على أنه مؤقت بثلاثة أيام، والجمهور على أنه ليس لمدته قدر محدد وإنما يقدر على حسب الحاجة ويكون في مدة مناسبة لما تقتضيه حال السلعة.
وفي الخيار تأخر القبول عن الإيجاب قدر مدة الخيار، ولكن لا يجوز أن يكون البيع معلقا كقوله بعتك دابتي إذا نزل المطر، ولا أن يعلق على ما ينعقد عليه السوق إلا أن يكون سعر يومه لا سعرا في المستقبل، والإيجاب والقبول (كأن يقول بعتك سلعتي هذه فيقول قبلت) إنما هما من لوازم عقد البيع والخيار في عقد البيع (وفي العقود المباحة الأخرى التي تقبل الخيار ضمن أحكام الشريعة الإسلامية) ، تابع للعقد متعلق به غير منفصل عنه وليس له وجود مستقل بذاته.
(١) وحتى تحمي نفسها قامت الشركة بشراء خيار على الين مدته خمس سنوات بقيمة ٥٠٠ ألف دولار للخيار الواحد. وبما أن تكاليف الخيار اقل من السعر الذي تتقاضاه من زبائنها في شهادات التعهد، ومن جهة أخرى فهي لا تتحمل أية مخاطرة لأنها مرتبطة بعقدين أحدهما بائعه والآخر مشتريه، فهي تحقق إذا أرباحا مضمونة.