للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف في جواز وراثته، فقالوا لا يجوز، لأنه إرادة ومشيئة وذهب الشافعي ومالك على أنه يورث لأنه حق متعلق بالمال لا بالشخص، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم: ((ومن ترك مالا أو حقا فلورثته)) ، فإن شاء الوارث أمضى أو فسخ إذا مات المورث قبل نهاية مدة الخيار. ومع ذلك يبقى الخيار متعلقا بعقد البيع.

هل المعاملة المذكورة أعلاه هي نوع من الخيار المشروع؟ إن في المعاملة المذكورة أعلاه اختلافا واضحا عن الخيار في الفقه الإسلامي. ولعل أول هذه الاختلافات أن الخيار الموصوف والذي يتعامل به الناس في أسواق المال عقد مستقل عن عقد البيع. فالصيغة تتضمن انفصال البيع عن الخيار فيكون للخيار ثمن وللسلعة (أو السهم) ثمن. والخيار عقد مستقل يشتري فيه المستثمر حقا يخوله البيع والشراء والأغلب أن يبيع الخيار من لا يملك الأسهم من السماسرة فدل على أنه عقد مستقل بذاته. ومحل العقد هنا هو ذلك الحق وليس الأسهم، لأن للأسهم عقدا آخر هو عقد بيع وليس حقا. فما هي حقيقة هذا الحق؟ وهل يجوز أن يكون له ثمن؟ والأرجح عدم الجواز.

ثم إن هذين عقدين في عقد واحد. الأول هو ذلك الحق الذي ذكرنا والثاني: هو السلعة أو السهم المباع، فشابها في ذلك البيعتين في بيعة والشرطين في عقد فإن كان الأمر كذلك فهي غير جائزة. والله أعلم.

هل هي نوع من السلم؟ السلم جائز بالكتاب والسنة، وفيه تعجيل الثمن وتأجيل قبض المبيع والقبض شرط في صحة عقد السلم (أي قبض الثمن في مجلس العقد) ، ولذلك لا يجوز فيه الخيار فهذه المعاملة شبيهة بالسلم من حيث إنه عقد يتأخر فيه تسليم المبيع وهو الأسهم، وأن البيع يكون بسعر متفق عليه ابتداء على أجل معلوم. ولكن الاختلاف كبير، فليس فيه أولا قبض للثمن بل كلا البدلين مؤجلان، والأهم ثانيا أن عقد الخيار منفصل عن عقد بيع السلعة وله ثمن خاص به فأخرجه ذلك من باب السلم.

هل هو من بيع العربون؟ العربون هو أن يشتري الرجل السلعة فيدفع من ثمنها جزءا (درهمين مثلا) ويقول للبائع إن لم اشتر منك فالدرهمان لك، وجمهور الفقهاء على عدم جوازه، وقد ذهب الحنابلة في المشهور عندهم إلى صحة التعامل بالعربون وهو من مفردات المذهب) انظر: ماجد أبو رخية، حكم العربون في الإسلام) . وقد استدل ابن القيم رحمه الله على جواز بيع العربون بما أخرجه البخاري في باب ما يجوز من الاشتراط عن ابن سيرين قال (قال رجل لكريه ارحل ركابك فإن لم أرحل معك في يوم كذا وكذا فلك مائة درهم فلم يخرج فقال شريح من شرط على نفسه طائعا غير مكروه فهو عليه) ويعد هذا العقد ملزما في حق البائع بمعنى أنه لا يستطيع الامتناع عن تنفيذه. أما المشتري فهو بالخيار. وخيار الطلب المذكور والذي يعطي مشتريه الحق في شراء عدد من الأسهم خلال فترة محددة شبيهة ببيع العربون المذكور وبينهما اختلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>