للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل هو بيع عادي؟

ليس كل بيع يؤجل فيه قبض المبيع يكون داخلا في باب السلم (ولا الاستصناع) ، وقد أثبت الفقهاء صورا من البيع الجائز الذي يؤجل فيه قبض المبيع، غير عقد السلم. من ذلك قول الشافعية والحنفية بعدم تسليم الثمن في المجلس إذا بيع موصوف في الذمة مؤجل بثمن معين (على غير السلم) . وقد ذكر الكاساني في بدائع الصنائع: (.. باع عبدا بثوب موصوف في الذمة مؤجل، فإنه يجوز بيعه، ولا يكون جوازه بطريقة السلم بدليل أن قبض العبد ليس بشرط، وقبض رأس مال السلم شرط جواز السلم) (البدائع: ٧/٣٠-٣١) . والعلة في تحريم كثير من العقود ومن الشروط في العقود هو الغرر المفضي على المنازعة، ومسألة دقيقة تحتاج إلى نظر وتمحيص في ظل الأشكال الجديدة من العقود.

هل يكون من عقود المقاولة؟

عقود المقاولة من أنواع العقود المستجدة، وهي شبيهة ببيع السلم وعقد الاستصناع ولكن فيها عنهما مخالفة تتمثل في تأجيل البدلين، وعقود المقاولة صورة من صور بيع الكالئ بالكالئ لأنها بيع دين مؤخر لم يكن ثابتا في الذمة بدين مؤخر مثله، ويسميها المالكية ابتداء الدين بالدين. وقد اقترح أحد الباحثين أن الحاجة إليها داعية والضرورة فيها معتبرة لعموم عمل الناس بها وتعذر إقامة أعمال التجار والمقاولين بدونها، فما دام خاليا من الربا فلا يوجد مانع شرعي من إباحته للضرورة (نزيه حماد، بيع الكالئ بالكالئ في الفقه الإسلامي، جدة مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، ١٩٨٦م، ص٢٩) والمعاملة الموصوفة شبيهة بعقد المقاولة المذكور الذي اتسع انتشاره والعمل به في كافة أنواع النشاط الاقتصادي حتى استقر عليه عرف التجار وعد من المعاملات المقبولة بينهم. والله أعلم.

هل يمكن اعتباره عقد سليم متجددا؟

يمكن للخروج من حرج النقطة الثانية المشار إليها سابقا، القول بأن ما يحدث ليس بيعا للمسلم فيه قبل قبضه، بل عقد سلم جديد لا تباع فيه السلعة ذاتها ولكن يسلم فيه بأخرى بنفس الوصف والمقدار في عقد جديد، (ويمكن إعادة صياغة العقد لينص على ذلك) . ولكن هذا غير ممكن في المعاملة الموصوفة في أسواق السلع والمال العالمية، لأن ما يحدث في الواقع هو تصفية نقدية لتلك العقود يوميا، فهي أي العقود، يجري إعادة كتابتها في أول وقت الافتتاح ثم تصفيتها في آخر النهار، فلا يبقى العقد الأول ساريا حتى نهاية الأجل ومن ثم لا يمكن القول بأنها عقد سلم يلغي بآخر يتضمن نفس السلعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>